( قوله باب إثم مانع الزكاة ) .
قال الزين بن المنير هذه الترجمة أخص من التي قبلها لتضمن حديثها تعظيم إثم مانع الزكاة والتنصيص على عظيم عقوبته في الدار الآخرة وتبري نبيه منه بقوله له لا أملك لك من الله شيئا وذلك مؤذن بانقطاع رجائه وإنما تتفاوت الواجبات بتفاوت المثوبات والعقوبات فما شددت عقوبته كان إيجابه آكد مما جاء فيه مطلق العقوبة وعبر المصنف بالإثم ليشمل من تركها جحدا أو بخلا والله أعلم قوله وقول الله تعالى والذين يكنزون الذهب والفضة الآية فيه تلميح إلى تقوية قول من قال من الصحابة وغيرهم إن الآية عامة في حق الكفار والمؤمنين خلافا لمن زعم أنها خاصة بالكفار وسيأتي ذكر ذلك في الباب الذي يليه إن شاء الله تعالى وذلك مأخوذ من قوله في حديث أبي هريرة ثاني حديثي الباب أنا مالك أنا كنزك وقد وقع نحو ذلك أيضا في الحديث الأول عند النسائي والطبراني في مسند الشاميين من طريق شعيب أيضا في آخر الحديث وأفرد البخاري الجملة المحذوفة فذكرها في تفسير براءة بهذا الإسناد باختصار تنبيه المراد بسبيل الله في الآية المعنى الأعم لا خصوص أحد السهام الثمانية التي هي مصارف الزكاة وإلا لاختص بالصرف إليه بمقتضى هذه الآية .
1337 - قوله تأتي الإبل على صاحبها يعني يوم القيامة كما سيأتي قوله على خير ما كانت أي من العظم والسمن ومن الكثرة لأنها تكون عنده على حالات مختلفة فتأتى على أكملها ليكون ذلك أنكى له لشدة ثقلها قوله إذا هو لم يعط فيها حقها أي لم يؤد زكاتها وقد رواه مسلم من حديث أبي ذر بهذا اللفظ قوله تطؤه بأخفافها في رواية همام عن أبي هريرة في ترك الحيل فتخبط وجهه بأخفافها ولمسلم من طريق أبي صالح عنه ما من صاحب إبل لا يؤدي حقها منها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر أوفر ما كانت لا يفقد منها فصيلا واحدا تطؤه بأخفافها وتعضه بأفواهها كلما مرت عليه أولاها ردت عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي الله بين العباد ويرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار وللمصنف من حديث أبي ذر إلا أتى بها يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه تنبيه كذا في أصل مسلم كلما مرت عليه أولاها ردت عليه أخراها قال عياض قالوا هو تغيير وتصحيف وصوابه ما في الرواية التي بعده من طريق سهيل عن أبيه كلما مر عليه أخراها رد عليه أولاها وبهذا ينتظم الكلام وكذا وقع عند مسلم من حديث أبي ذر أيضا وأقره النووي على هذا وحكاه القرطبي وأوضح وجه الرد بأنه إنما يرد الأول الذي قد مر قبل وأما الآخر فلم يمر بعد فلا يقال فيه رد ثم أجاب بأنه يحتمل أن المعنى أن أول الماشية إذا وصلت إلى آخرها تمشي عليه تلاحقت بها أخراها ثم إذا أرادت الأولى الرجوع بدأت الأخرى بالرجوع فجاءت الأخرى أول حتى تنتهي إلى آخر الأولى وكذا وجهه الطيبي فقال إن المعنى أن أولاها إذا مرت على التتابع إلى أن تنتهي إلى الأخرى ثم ردت الأخرى من هذه الغاية