لو كانوا يعلمون وعلى هذا فالذين يتحملون غير الذين يبسون كان الذي حضر الفتح أعجبه حسن البلد ورخاؤها فدعا قريبه إلى المجيء إليها لذلك فيتحمل المدعو بأهله وأتباعه قال بن عبد البر وروى يبسون بضم أوله وكسر ثانيه من الرباعي من ابس ابساسا ومعناه يزينون لأهلهم البلد التي يقصدونها واصل الابساس للتي تحلب حتى تدر باللبن وهو أن يجري يده على وجهها وصفحة عنقها كأنه يزين لها ذلك ويحسنه لها وإلى هذا ذهب بن وهب وكذا رواه بن حبيب عن مطرف عن مالك يبسون من الرباعي وفسره بنحو ما ذكرنا وأنكر الأول غاية الإنكار وقال النووي الصواب أن معناه الأخبار عمن خرج من المدينة متحملا بأهله بأسا في سيره مسرعا إلى الرخاء والأمصار المفتتحة قلت ويؤيده رواية بن خزيمة من طريق أبي معاوية عن هشام عن عروة في هذا الحديث بلفظ تفتح الشام فيخرج الناس من المدينة إليها يبسون والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ويوضح ذلك ما روى أحمد من حديث جابر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول ليأتين على أهل المدينة زمان ينطلق الناس منها إلى الأرياف يلتمسون الرخاء فيجدون رخاء ثم يأتون فيتحملون بأهليهم إلى الرخاء والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون وفي إسناده بن لهيعة ولا بأس به في المتابعات وهو يوضح ما قلناه والله أعلم وروى أحمد في أول حديث سفيان هذا قصة أخرجها من طريق بشر بن سعيد أنه سمع في مجلس الليثيين يذكرون أن سفيان بن أبي زهير أخبرهم أن فرسه أعيت بالعقيق وهو في بعث بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم فرجع إليه يستحمله فخرج معه يبتغى له بعيرا فلم يجده الا عند أبي جهم بن حذيفة العدوي فسامه له فقال له أبو جهم لا ابيعكها يا رسول الله ولكن خذه فاحمل عليه من شئت ثم خرج حتى إذا بلغ بئر إهاب قال يوشك البنيان أن يأتي هذا المكان ويوشك الشام أن يفتح فيأتيه رجال من أهل هذا البلد فيعجبهم ريعه ورخاؤه والمدينة خير لهم الحديث قوله لو كانوا يعلمون أي بفضلها من الصلاة في المسجد النبوي وثواب الإقامة فيها وغير ذلك ويحتمل أن يكون لو بمعنى ليت فلا يحتاج إلى تقدير وعلى الوجهين ففيه تجهيل لمن فارقها وأثر غيرها قالوا والمراد به الخارجون من المدينة رغبة عنها كارهين لها وأما من خرج لحاجة أو تجارة أو جهاد أو نحو ذلك فليس بداخل في معنى الحديث قال الطيبي الذي يقتضيه هذا المقام أن ينزل ما لا يعلمون منزلة اللازم لتنتفى عنهم المعرفة بالكلية ولو ذهب مع ذلك إلى التمنى لكان أبلغ لأن التمنى طلب ما لا يمكن حصوله أي ليتهم كانوا من أهل العلم تغليظا وتشديدا وقال البيضاوي المعنى أنه يفتح اليمن فيعجب قوما بلادها وعيش أهلها فيحملهم ذلك على المهاجرة إليها بأنفسهم واهليهم حتى يخرجوا من المدينة والحال أن الإقامة في المدينة خير لهم لأنها حرم الرسول وجواره ومهبط الوحي ومنزل البركات لو كانوا يعلمون ما في الإقامة بها من الفوائد الدينية بالعوائد الاخروية التي يستحقر دونها ما يجدونه من الحظوظ الفانية العاجلة بسبب الإقامة في غيرها وقواه الطيبي لتنكير قوم ووصفهم بكونهم يبسون ثم توكيده بقوله لو كانوا يعلمون لأنه يشعر بأنهم ممن ركن إلى الحظوظ البهيمية والحطام الفاني واعرضوا عن الإقامة في جوار الرسول ولذلك كرر قوما ووصفه في كل قرينة بقوله يبسون استحضارا لتلك الهيئة القبيحة والله أعلم .
( قوله باب الإيمان يارز ) .
بفتح أوله وسكون الهمزة وكسر الراء وقد تضم بعدها زاى وحكى بن التين عن بعضهم فتح الراء وقال أن الكسر هو الصواب وحكى أبو الحسن بن سراج ضم الراء وحكى القابسي الفتح ومعناه ينضم ويجتمع .
1777 - قوله حدثني عبيد الله هو بن عمر العمري قوله عن خبيب بالمعجمة مصغرا وكذا رواه أكثر أصحاب عبيد الله وخبيب هو خال عبيد الله المذكور وقد روى عنه بهذا الإسناد عدة أحاديث وفي رواية يحيى بن سليم عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر أخرجه بن حبان والبزار وقال البزار أن يحيى بن سليم أخطأ فيه وهو كما قال وهو ضعيف في عبيد الله بن عمر قوله عن حفص بن عاصم أي بن عمر بن الخطاب قوله كما تأزر الحية إلى جحرها أي أنها كما تنتشر من جحرها في طلب ما تعيش به فإذا راعها شيء رجعت إلى جحرها كذلك الإيمان انتشر في المدينة وكل مؤمن له من نفسه سائق إلى المدينة لمحبته في النبي صلى الله عليه وسلّم فيشمل ذلك جميع