حديث أبي أمامة والمطلوب أن يقصد الإعلاء صرفا وقد يحصل غير الإعلاء وقد لا يحصل ففيه مرتبتان أيضا قال بن أبي جمرة ذهب المحققون إلى أنه إذا كان الباعث الأول قصد إعلاء كلمة الله لم يضره ما انضاف إليه اه ويدل على أن دخول غير الإعلاء ضمنا لا يقدح في الاعلاء إذا كان الإعلاء هو الباعث الأصلي ما رواه أبو داود بإسناد حسن عن عبد الله بن حوالة قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم على أقدامنا لنغنم فرجعنا ولم نغنم شيئا فقال اللهم لا تكلهم إلي الحديث وفي إجابة النبي صلى الله عليه وسلّم بما ذكر غاية البلاغة والايجاز وهو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلّم لأنه لو أجابه بأن جميع ما ذكره ليس في سبيل الله احتمل أن يكون ما عدا ذلك كله في سبيل الله وليس كذلك فعدل إلى لفظ جامع عدل به عن الجواب عن ماهية القتال إلى حال المقاتل فتضمن الجواب وزيادة ويحتمل أن يكون الضمير في قوله فهو راجعا إلى القتال الذي في ضمن قاتل أي فقتاله قتال في سبيل الله واشتمل طلب إعلاء كلمة الله على طلب رضاه وطلب ثوابه وطلب دحض أعدائه وكلها متلازمة والحاصل مما ذكر أن القتال منشؤه القوة العقلية والقوة الغضبية والقوة الشهوانية ولا يكون في سبيل الله إلا الأول وقال بن بطال إنما عدل النبي صلى الله عليه وسلّم عن لفظ جواب السائل لأن الغضب والحمية قد يكونان لله فعدل النبي صلى الله عليه وسلّم عن ذلك إلى لفظ جامع فأفاد دفع الالباس وزيادة الإفهام وفيه بيان أن الأعمال إنما تحتسب بالنية الصالحة وأن الفضل الذي ورد في المجاهد يختص بمن ذكر وقد تقدم بعض مباحثه في أواخر كتاب العلم وفيه جواز السؤال عن العلة وتقدم العلم على العمل وفيه ذم الحرص على الدنيا وعلى القتال لحظ النفس في غير الطاعة .
( قوله إن الله لا يضيع أجر المحسنين ) .
قوله باب من اغبرت قدماه في سبيل الله أي بيان ماله من الفضل قوله وقول الله D ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله إلى قوله إن الله لا يضيع أجر المحسنين قال بن بطال مناسبة الآية للترجمة أنه سبحانه وتعالى قال في الآية ولا يطؤن موطئا يغيظ الكفار وفي الآية إلا كتب لهم به عمل صالح قال ففسر صلى الله عليه وسلّم العمل الصالح أن النار لا تمس من عمل بذلك قال والمراد في سبيل الله جميع طاعاته اه وهو كما قال الا أن المتبادر عند الإطلاق من لفظ سبيل الله الجهاد وقد أورده المصنف في فضل المشي إلى الجمعة استعمالا للفظ في عمومه ولفظه هناك حرمه الله على النار وقال بن المنير مطابقة الآية من جهة أن الله أثابهم بخطواتهم وأن لم يباشروا قتالا وكذلك دل الحديث على أن من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار سواء باشر قتالا أم لا اه ومن تمام المناسبة إن الوطء يتضمن المشي المؤثر لتغبير القدم ولا سيما في ذلك الزمان .
2656 - قوله حدثنا إسحاق قال أبو علي الجياني نسبه الأصيلي بن منصور قلت