( قوله باب عدة أصحاب بدر ) .
أي الذين شهدوا الوقعة مع النبي صلى الله عليه وسلّم ومن ألحق بهم قوله استصغرت بضم أوله ومراد البراء أن ذلك وقع عند حضور القتال فعرض من يقاتل فرد من لم يبلغ وكانت تلك عادة النبي صلى الله عليه وسلّم في المواطن قوله أنا وبن عمر قال عياض هذا يرده قول بن عمر استصغرت يوم أحد وكذا اعترض به بن التين وزاد بأن إخبار بن عمر عن نفسه أولى من أخبار البراء عنه انتهى وهو اعتراض مردود إذ لا تنافي بين الإخبارين فيحمل على أنه استصغر ببدر ثم استصغر بأحد بل جاء ذلك صريحا عن بن عمر نفسه وأنه عرض يوم بدر وهو بن ثلاث عشرة سنة فاستصغر وعرض يوم أحد وهو بن أربع عشرة سنة فاستصغر وسيأتي بيان ذلك في غزوة الخندق إن شاء الله تعالى ثم وجدت في بن أبي شيبة من طريق مطرف عن أبي إسحاق عن البراء مثل حديث الباب وزاد آخره وشهدنا أحدا فهذه الزيادة إن حملت على أن المراد بقوله وشهدنا أحدا نفسه وحده دون بن عمر وإلا فما في الصحيح أصح قوله وحدثني محمود هو بن غيلان ووهب هو بن جرير بن حازم ووقع في نسخة وهب بن جرير قوله عن البراء في رواية إسحاق بن راهويه في مسنده عن وهب بن جرير بسنده سمعت البراء قوله وكان المهاجرون يوم بدر نيفا على ستين كذا في هذه الرواية وسيأتي في آخر الكلام على هذه الغزوة أنهم كانوا ثمانين أو زيادة ويأتي وجه التوفيق بينهما هناك إن شاء الله تعالى وأما ما وقع عند يعقوب بن سفيان من مرسل عبيدة السلماني أن الأنصار كانوا سبعين ومائتين فليس بثابت وقد وقع عند الحاكم من طريق عبد الملك بن إبراهيم الجسري عن شعبة في هذا الحديث أن المهاجرين كانوا نيفا وثمانين وهو خطأ في هذه الرواية لإطباق أصحاب شعبة على ما وقع في البخاري قوله والأنصار نيف وأربعين ومائتين النيف بفتح النون وتشديد التحتانية وقد تخفف وهو ما بين العقدين وقال في الأول نيفا بنصبه على أنه خبر كان وقال في الثاني نيف برفعه على أنه خبر لمبتدأ محذوف وقد وقع عند البيهقي بالنصب فيهما وهو واضح وهو الذي وقع في رواية شعبة عن تفصيل عدد المهاجرين والأنصار يوافق جملته ما وقع في رواية زهير وإسرائيل وسفيان انهم كانوا ثلاثمائة وبضعة عشر لكن الزيادة على العشر مبهمة وقد سبق في الباب قبله أن في حديث عمر عند مسلم أنها تسعة عشر لكن أخرجه أبو عوانة وبن حبان بإسناد مسلم بلفظ بضعة عشر وللبزار من حديث أبي موسى ثلاثمائة وسبعة عشر ولأحمد والبزار والطبراني من حديث بن عباس كان أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر وكذلك أخرجه بن أبي شيبة والبيهقي من رواية عبيدة بن عمر والسلماني أحد كبار التابعين ومنهم من وصله بذكر على وهذا هو المشهور عند بن إسحاق وجماعة من أهل المغازي ويقال عن بن إسحاق وأربعة عشر وروى سعيد بن منصور من مرسل أبي اليمان عامر الهوزني ووصله الطبراني والبيهقي من وجه آخر عن أبي أيوب الأنصاري قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى بدر فقال لأصحابه تعادوا فوجدهم ثلاثمائة وأربعة عشر رجلا ثم قال لهم تعادوا فتعادوا مرتين فأقبل رجل على بكر له ضعيف وهم يتعادون فتمت العدة