( قوله باب قول النبي صلى الله عليه وسلّم لأبي بردة ضح بالجذع من المعز ولن تجزى عن أحد بعدك ) .
أشار بذلك إلى أن الضمير في قول النبي صلى الله عليه وسلّم في الرواية التي ساقها اذبحها للجذعة التي تقدمت في قول الصحابي أن عندي داجنا جذعة من المعز .
5236 - قوله حدثنا مطرف هو بن طريف بمهملة وزن عقيل وعامر هو الشعبي قوله ضحى خال لي يقال له أبو بردة في رواية زبيد عن الشعبي في أول الأضاحي أبو بردة بن نيار وهو بكسر النون وتخفيف الياء المثناة من تحت وآخره راء واسمه هانئ واسم جده عمرو بن عبيد وهو بلوي من حلفاء الأنصار وقد قيل أن اسمه الحارث بن عمرو وقيل مالك بن هبيرة والأول هو الأصح وأخرج بن منده من طريق جابر الجعفي عن الشعبي عن البراء قال كان اسم خالي قليلا فسماه النبي صلى الله عليه وسلّم كثيرا وقال يا كثير إنما نسكنا بعد صلاتنا ثم ذكر حديث الباب بطوله وجابر ضعيف وأبو بردة ممن شهد العقبة وبدرا والمشاهد وعاش إلى سنة اثنتين وقيل خمس وأربعين وله في البخاري حديث سيأتي في الحدود قوله شاتك شاة لحم أي ليست أضحية بل هو لحم ينتفع به كما وقع في رواية زبيد فإنما هو لحم يقدمه لأهله وسيأتي في باب الذبح بعد الصلاة وفي رواية فراس عند مسلم قال ذاك شيء عجلته لأهلك وقد استشكلت الإضافة في قوله شاة لحم وذلك أن الإضافة قسمان معنوية ولفظية فالمعنوية إما مقدرة بمن كخاتم حديد أو باللام كغلام زيد أو بفي كضرب اليوم معناه ضرب في اليوم وأما اللفظية فهي صفة مضافة إلى معمولها كضارب زيد وحسن الوجه ولا يصح شيء من الأقسام الخمسة في شاة لحم قال الفاكهي والذي يظهر لي أن أبا بردة لما اعتقد أن شاته شاة أضحية أوقع صلى الله عليه وسلّم في الجواب قوله شاة لحم موقع قوله شاة غير أضحية قوله ان عندي داجنا الداجن التي تألف البيوت وتستأنس وليس لها سن معين ولما صار هذا الاسم علما على ما يألف البيوت اضمحل الوصف عنه فاستوى فيه المذكر والمؤنث والجذعة تقدم بيانها وقد بين في هذه الرواية أنها من المعز ووقع في الرواية الأخرى كما سيأتي بيانه فإن عندنا عناقا وفي رواية أخرى عناق لبن والعناق بفتح العين وتخفيف النون الأنثى من ولد المعز عند أهل اللغة ولم يصب الداودي في زعمه أن العناق هي التي استحقت أن تحمل وأنها تطلق على الذكر والأنثى وأنه بين بقوله لبن أنها أنثى قال بن التين غلط في نقل اللغة وفي تأويل الحديث فإن معنى عناق لبن أنها صغيرة سن ترضع أمها ووقع عند الطبراني من طريق سهل بن أبي حثمة أن أبا بردة ذبح ذبيحته بسحر فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلّم فقال إنما الأضحية ما ذبح بعد الصلاة أذهب فضح فقال ما عندي الا جذعة من المعز الحديث قلت وسيأتي بيان ذلك عند ذكر التعاليق التي ذكرها المصنف عقب هذه الرواية وزاد في رواية أخرى هي أحب إلي من شأتين وفي رواية لمسلم من شاتي لحم والمعنى أنها أطيب لحما وأنفع للآكلين لسمنها ونفاستها وقد استشكل هذا بما ذكر أن عتق نفسين أفضل من عتق نفس واحدة ولو كانت أنفس منهما وأجيب بالفرق بين الأضحية والعتق أن الأضحية يطلب فيها كثرة اللحم فتكون الواحدة السمينة أولى من الهزيلتين والعتق يطلب فيه التقرب إلى الله بفك الرقبة فيكون عتق الإثنين أولى من عتق الواحدة نعم إن عرض للواحد وصف يقتضى رفعته على غيره