في اناء أخيك قال بن بطال دل هذا الحديث على أن كل شيء يفعله المرء أو يقوله من الخير يكتب له به صدقة وقد فسر ذلك في حديث أبي موسى المذكور في الباب بعد حديث جابر وزاد عليه أن الإمساك عن الشر صدقة وقال الراغب المعروف اسم كل فعل يعرف حسنة بالشرع والعقل معا ويطلق على الاقتصاد لثبوت النهي عن السرف وقال بن أبي جمرة يطلق اسم المعروف على ما عرف بأدلة الشرع أنه من أعمال البر سواء جرت به العادة أم لا قال والمراد بالصدقة الثواب فإن قارنته النية أجر صاحبه جزما وإلا ففيه احتمال قال وفي هذا الكلام إشارة إلى أن الصدقة لا تنحصر في الأمر المحسوس منه فلا تختص بأهل اليسار مثلا بل كل واحد قادر على أن يفعلها في أكثر الأحوال بغير مشقة وقوله .
5676 - على كل مسلم صدقة أي في مكارم الأخلاق وليس ذلك بفرض إجماعا قال بن بطال وأصل الصدقة ما يخرجه المرء من ماله متطوعا به وقد يطلق على الواجب لتحري صاحبه الصدق بفعله ويقال لكل ما يحابي به المرء من حقه صدقة لأنه تصدق بذلك على نفسه قوله فان لم يجد أي ما يتصدق به قال فيعمل بيديه قال بن بطال فيه التنبيه على العمل والتكسب ليجد المرء ما ينفق على نفسه ويتصدق به ويغنيه على ذل السؤال وفيه الحث على فعل الخير مهما أمكن وأن من قصد شيئا منها فتعسر فلينتقل إلى غيره قوله فان لم يستطع أو لم يفعل هو شك من الراوي قوله فيعين ذا الحاجة الملهوف أي بالفعل أو بالقول أبو بهما قوله فان لم يفعل أي عجزا أو كسلا قوله فليأمر بالخير أو قال بالمعروف هو شك من الراوي أيضا قوله فإن لم يفعل قال فليمسك عن الشر الخ قال بن بطال فيه حجة لمن جعل الترك عملا وكسبا للعبد خلافا لمن قال من المتكلمين أن الترك ليس بعمل ونقل عن المهلب أنه مثل الحديث الآخر من هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة قلت وسيأتي الكلام على شرح هذا الحديث في كتاب الرقاق أن الحسنة إنما تكتب لمن هم بالسيئة فلم يعملها إذا قصد بتركها الله تعالى وحينئذ فيرجع إلى العمل وهو فعل القلب وقد مضى هذا مع شرح الحديث مستوفى في كتاب الزكاة واستدل بظاهر الحديث الكعبي لقوله ليس في الشرع شيء يباح بل إما أجر وإما وزر فمن اشتغل بشيء عن المعصية فهو مأجور عليه قال بن التين والجماعة على خلافه وقد ألزموه أن يجعل الزاني مأجورا لأنه يشتغل به عن غيره من المعصية قلت ولا يرد هذا عليه لأنه إنما أراد الاشتغال بغير المعصية نعم يمكن أن يرد عليه ما لو اشتغل بعمل صغيرة عن كبيرة كالقبلة والمعانقة عن الزنا وقد لا يرد عليه أيضا لأن الذي يظهر أنه يريد الاشتغال بشيء مما لم يرد النص بتحريمه .
( قوله باب طيب الكلام ) .
أصل الطيب ما تستلذه الحواس ويختلف باختلاف متعلقة قال بن بطال طيب الكلام من جليل عمل البر لقوله تعالى ادفع بالتي هي أحسن الآية والدفع قد يكون بالقول كما يكون