بنعمة العطاس ثم شرع له الحمد الذي يثاب عليه ثم الدعاء بالخير بعد الدعاء بالخير وشرع هذه النعم المتواليات في زمن يسير فضلا منه وإحسانا وفي هذا لمن رآه بقلب له بصيرة زيادة قوة في إيمانه حتى يحصل له من ذلك ما لا يحصل بعبادة أيام عديدة ويداخله من حب الله الذي أنعم عليه بذلك ما لم يكن في باله ومن حب الرسول الذي جاءت معرفة هذا الخير على يده والعلم الذي جاءت به سنته ما لا يقدر قدره قال وفي زيادة ذرة من هذا ما يفوق الكثير مما عداه من الأعمال ولله الحمد كثيرا وقال الحليمي أنواع البلاء والآفات كلها مؤاخذات وإنما المؤاخذة عن ذنب فإذا حصل الذنب مغفورا وأدركت العبد الرحمة لم تقع المؤاخذة فإذا قيل للعاطس يرحمك الله فمعناه جعل الله لك ذلك لتدوم لك السلامة وفيه إشارة إلى تنبيه العاطس على طلب الرحمة والتوبة من الذنب ومن ثم شرع له الجواب بقوله غفر الله لنا ولكم قوله بالكم شأنكم قال أبو عبيدة في معنى قوله تعالى سيهديهم ويصلح بالهم أي شأنهم .
( قوله باب لا يشمت العاطس إذا لم يحمد الله ) .
أورد فيه حديث أنس الماضي في باب الحمد للعاطس وكأنه أشار إلى أن الحكم عام وليس مخصوصا بالرجل الذي وقع له ذلك وان كانت واقعة حال لا عموم فيها لكن ورد الأمر بذلك فيما أخرجه مسلم من حديث أبي موسى بلفظ إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه وان لم يحمد الله فلا تشمتوه قال النووي مقتضى هذا الحديث أن من لم يحمد الله لم يشمت قلت هو منطوقه لكن هل النهي فيه للتحريم أو للتنزيه الجمهور على الثاني قال وأقل الحمد والتشميت أن يسمع صاحبه ويؤخذ منه أنه إذا أتى بلفظ آخر غير الحمد لا يشمت وقد أخرج أبو داود والنسائي وغيرهما من حديث سالم بن عبيد الأشجعي قال عطس رجل فقال السلام عليكم فقال النبي صلى الله عليه وسلّم عليك وعلى أمك وقال إذا عطس أحدكم فليحمد الله واستدل به على أنه يشرع التشميت لمن حمد إذا عرف السامع أنه حمد الله وان لم يسمعه كما لو سمع العطسة ولم يسمع الحمد بل سمع من شمت ذلك العاطس فإنه يشرع له التشميت لعموم الأمر به لمن عطس فحمد وقال النووي المختار أنه يشمته من سمعه دون غيره وحكى بن العربي اختلافا فيه ورجح أنه يشمته قلت وكذا نقله بن بطال وغيره عن مالك واستثنى بن دقيق العيد من علم أن الذين عند العاطس جهلة لا يفرقون بين تشميت من حمد وبين من لم يحمد والتشميت متوقف على من علم أنه حمد فيمتنع تشميت هذا ولو شمته من عنده لأنه لا يعلم هل حمد أو لا فإن عطس وحمد ولم يشمته أحد فسمعه من بعد عنه استحب له أن يشمته حين يسمعه وقد أخرج بن عبد البر بسند جيد عن أبي داود صاحب السنن أنه كان في سفينة فسمع عاطسا على الشط حمد فاكترى قاربا بدرهم حتى جاء إلى العاطس فشمته ثم رجع فسئل عن ذلك فقال لعله يكون مجاب الدعوة فلما رقدوا سمعوا قائلا يقول يا أهل