وفقه بالفتح إذا سبق غيره إلى الفهم وفقه بالكسر إذا فهم ونكر خيرا ليشمل القليل والكثير والتنكير للتعظيم لأن المقام يقتضيه ومفهوم الحديث أن من لم يتفقه في الدين أي يتعلم قواعد الإسلام وما يتصل بها من الفروع فقد حرم الخير وقد أخرج أبو يعلى حديث معاوية من وجه آخر ضعيف وزاد في آخره ومن لم يتفقه في الدين لم يبال الله به والمعنى صحيح لأن من لم يعرف أمور دينه لا يكون فقيها ولا طالب فقه فيصح أن يوصف بأنه ما أريد به الخير وفي ذلك بيان ظاهر لفضل العلماء على سائر الناس ولفضل التفقه في الدين على سائر العلوم وسيأتي بقية الكلام على الحديثين الآخرين في موضعهما من الخمس والاعتصام إن شاء الله تعالى وقوله لن تزال هذه الأمة يعني بعض الأمة كما يجيء مصرحا به في الموضع الذي أشرت إليه إن شاء الله تعالى .
( قوله باب الفهم ) .
أي فضل الفهم في العلم أي في العلوم .
72 - قوله حدثنا على في رواية أبي ذر بن عبد الله وهو المعروف بابن المديني قوله حدثنا سفيان قال قال لي بن أبي نجيح في مسند الحميدي عن سفيان حدثني بن أبي نجيح قوله صحبت بن عمر إلى المدينة فيه ما كان بعض الصحابة عليه من توقى الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم الا عند الحاجة خشية الزيادة والنقصان وهذه كانت طريقة بن عمر ووالده عمر وجماعة وإنما كثرت أحاديث بن عمر مع ذلك لكثرة من كان يسأله ويستفتيه وقد تقدم الكلام على متن حديث الباب في أوائل كتاب العلم ومناسبته للترجمة أن بن عمر لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلّم المسألة عند إحضار الجمار إليه فهم أن المسؤول عنه النخلة فالفهم فطنة يفهم بها صاحبها من الكلام ما يقترن به من قول أو فعل وقد أخرج أحمد في حديث أبي سعيد الآتي في الوفاة النبوية حيث قال النبي صلى الله عليه وسلّم إن عبدا خيره الله فبكى أبو بكر وقال فديناك بآبائنا فتعجب الناس وكان أبو بكر فهم من المقام أن النبي صلى الله عليه وسلّم هو المخير فمن ثم قال أبو سعيد فكان أبو بكر أعلمنا به والله الهادي إلى الصواب