إليه ويجعل اقامته في الدنيا ليقضي حاجته وجهازه للرجوع إلى وطنه وهذا شأن الغريب أو يكون كالمسافر لا يستقر في مكان بعينه بل هو دائم السير إلى بلد الإقامة واستشكل عطف عابر السبيل على الغريب وقد تقدم جواب الطيبي وأجاب الكرماني بأنه من عطف العام على الخاص وفيه نوع من الترقي لان تعلقاته أقل من تعلقات الغريب المقيم قوله وكان بن عمر يقول في رواية ليث وقال لي بن عمر إذا أصبحت الحديث قوله وخذ من صحتك أي زمن صحتك لمرضك في رواية ليث لسقمك والمعنى اشتغل في الصحة بالطاعة بحيث لو حصل تقصير في المرض لا يجبر بذلك قوله ومن حياتك لموتك في رواية ليث قبل موتك وزاد فإنك لا تدري يا عبد الله ما اسمك غدا أي هل يقال له شقي أو سعيد ولم يرد اسمه الخاص به فإنه لا يتغير وقيل المراد هل هو حي أو ميت وهذا القدر الموقوف من هذا تقدم محصل معناه في حديث بن عباس أول كتاب الرقاق وجاء معناه من حديث بن عباس أيضا مرفوعا أخرجه الحاكم ان النبي صلى الله عليه وسلّم قال لرجل وهو يعظه اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك وأخرجه بن المبارك في الزهد بسند صحيح من مرسل عمرو بن ميمون قال بعض العلماء كلام بن عمر منتزع من الحديث المرفوع وهو متضمن لنهاية قصر الأمل وان العاقل ينبغي له إذا أمسى لا ينتظر الصباح وإذا أصبح لا ينتظر المساء بل يظن ان أجله مدركه قبل ذلك قال وقوله خذ من صحتك الخ أي اعمل ما تلقى نفعه بعد موتك وبادر أيام صحتك بالعمل الصالح فان المرض قد يطرأ فيمتنع من العمل فيخشى على من فرط في ذلك ان يصل إلى المعاد بغير زاد ولا يعارض ذلك الحديث الماضي في الصحيح إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمل صحيحا مقيما لأنه ورد في حق من يعمل والتحذير الذي في حديث بن عمر في حق من لم يعمل شيئا فإنه إذا مرض ندم على تركه العمل وعجز لمرضه عن العمل فلا يفيده الندم وفي الحديث مس المعلم أعضاء المتعلم عند التعليم والموعوظ عند الموعظة وذلك للتأنيس والتنبيه ولا يفعل ذلك غالبا الا بمن يميل إليه وفيه مخاطبة الواحد وإرادة الجمع وحرص النبي صلى الله عليه وسلّم على إيصال الخير لامته والحض على ترك الدنيا والاقتصار على ما لا بد منه