( قوله باب في الأمل وطوله ) .
الأمل بفتحتين رجاء ما تحبه النفس من طول عمر وزيادة غنى وهو قريب المعنى من التمني وقيل الفرق بينهما ان الأمل ما تقدم له سبب والتمنى بخلافه وقيل لا ينفك الإنسان من امل فان فاته ما امله عول على التمني ويقال الأمل إرادة الشخص تحصيل شيء يمكن حصوله فإذا فاته تمناه قوله وقوله تعالى فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز الآية كذا للنسفي وساق في رواية كريمة وغيرها إلى الغرور وقع في رواية أبي ذر إلى قوله فقد فاز والمطلوب هنا ما سقط من روايته وهو الإشارة إلى ان متعلق الأمل ليس بشيء لأنه متاع الغرور شبه الدنيا بالمتاع الذي يدلس به على المستام ويغره حتى يشتريه ثم يتبين له فساده ورداءته والشيطان هو المدلس وهو الغرور بالفتح الناشيء عنه الغرور بالضم وقد قرئ في الشاذ هنا بفتح الغين أي متاع الشيطان ويجوز ان يكون بمعنى المفعول وهو المخدوع فتتفق القراءتان قوله بمزحزحه بمباعدة وقع هذا في رواية النسفي وكذا لأبي ذر عن المستملى والكشميهني والمراد أن معنى قوله زحزح في هذه الآية فمن زحزح بوعد وأصل الزحزحة الإزالة ومن أزيل عن الشيء فقد بوعد منه وقال الكرماني مناسبة هذه الآية للترجمة أن في أول الآية كل نفس ذائقة الموت وفي آخرها وما الحياة الدنيا أو أن قوله فمن زحزح مناسب لقوله وما هو بمزحزحه وفي تلك الآية يود أحدهم لو يعمر الف سنة قوله وقوله ذرهم يأكلوا ويتمتعوا الآية كذا لأبي ذر وساق في رواية كريمة وغيرها إلى يعلمون وسقط قوله وقوله للنسفي قال الجمهور هي عامة وقال جماعة هي في الكفار خاصة والأمر فيه للتهديد وفيه زجر عن الانهماك في ملاذ الدنيا قوله وقال علي بن أبي طالب ارتحلت الدنيا مدبرة الخ هذه قطعة من اثر لعلي جاء عنه موقوفا ومرفوعا وفي أوله شيء مطابق للترجمة صريحا فعند بن أبي شيبة في المصنف وبن المبارك في الزهد من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد وزبيد الايامي عن رجل من بني عامر وسمي في رواية لابن أبي شيبة مهاجر العامري وكذا في الحلية من طريق أبي مريم عن زبيد عن مهاجر بن عمير قال قال علي ان اخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى وطول الأمل فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق واما طول الأمل فينسى الآخرة الا وان الدنيا ارتحلت مدبرة الحديث كالذي في الأصل سواء ومهاجر المذكور هو العامري المبهم قبله وما عرفت حاله وقد جاء مرفوعا أخرجه بن أبي الدنيا في كتاب قصر الأمل من رواية اليمان بن حذيفة عن علي بن أبي حفصة مولى علي عن علي بن أبي طالب ان رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال ان أشد ما اتخوف عليكم خصلتين فذكر معناه واليمان وشيخه لا يعرفان وجاء من حديث جابر أخرجه أبو عبد الله بن منده من طريق المنكدر بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر مرفوعا والمنكدر ضعيف وتابعه علي بن أبي علي اللهبي عن