يعفه الله أي ان عف عن السؤال ولو لم يظهر الاستغناء عن الناس لكنه ان أعطى شيئا لم يتركه يملأ الله قلبه غني بحيث لا يحتاج إلى سؤال ومن زاد على ذلك فاظهر الاستغناء فتصبر ولو أعطى لم يقبل فذاك ارفع درجة فالصبر جامع لمكارم الأخلاق وقال بن التين معنى قوله يعفه الله اما ان يرزقه من المال ما يستغني به عن السؤال واما ان يرزقه القناعة والله اعلم الحديث الثاني حديث المغيرة .
6106 - قوله حتى ترم بكسر الراء وقوله أو تنتفخ شك من الراوي وهو بمعناه وقوله فيقال له القائل له ذلك عائشة قوله أفلا أكون عبدا شكورا تقدم شرحه مع شرح بقية الحديث مستوفى في أوائل أبواب التهجد ووجه مناسبته للترجمة أن الشكر واجب وترك الواجب حرام وفي شغل النفس بفعل الواجب صبر على فعل الحرام والحاصل أن الشكر يتضمن الصبر على الطاعة والصبر عن المعصية قال بعض الأئمة الصبر يستلزم الشكر لا يتم الا به وبالعكس فمتى ذهب أحدهما ذهب الاخر فمن كان في نعمة ففرضه الشكر والصبر أما الشكر فواضح وأما الصبر فعن المعصية ومن كان في بلية ففرضه الصبر والشكر أما الصبر فواضح وأما الشكر فالقيام بحق الله عليه في تلك البلية فإن لله على العبد عبودية في البلاء كما له عليه عبودية في النعماء ثم الصبر على ثلاثة أقسام صبر عن المعصية فلا يرتكبها وصبر على الطاعة حتى يؤديها وصبر على البلية فلا يشكو ربه فيها والمرء لا بد له من واحدة من هذه الثلاث فالصبر لازم له أبدا لا خروج له عنه والصبر سبب في حصول كل كمال والى ذلك أشار صلى الله عليه وسلّم بقوله في الحديث الأول ان الصبر خير ما اعطيه العبد وقال بعضهم الصبر تارة يكون لله وتارة يكون بالله فالأول الصابر لامر الله طلبا لمرضاته فيصبر على الطاعة ويصبر عن المعصية والثاني المفوض لله بأن يبرأ من الحول والقوة ويضيف ذلك إلى ربه وزاد بعضهم الصبر على الله وهو الرضا بالمقدور فالصبر لله يتعلق بالهيته ومحبته والصبر به يتعلق بمشيئته وارادته والثالث يرجع إلى القسمين الأولين عند التحقيق فإنه لا يخرج عن الصبر على أحكامه الدينية وهي أوامره ونواهيه والصبر على ابتلائه وهو أحكامه الكونية والله اعلم .
( قوله باب ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) .
استعمل لفظ الآية ترجمة لتضمنها الترغيب في التوكل وكأنه أشار إلى تقييد ما أطلق في حديث الباب قبله وأن كلا من الاستغناء والتصبر والتعفف إذا كان مقرونا بالتوكل على الله فهو الذي ينفع وينجع وأصل التوكل الوكول يقال وكلت أمري إلى فلان أي الجأته إليه واعتمدت فيه عليه ووكل فلان فلانا استكفاه امره ثقة بكفايته والمراد بالتوكل اعتقاد ما دلت عليه هذه الآية وما من دابة في الأرض الا على الله رزقها وليس المراد به ترك التسبب والاعتماد على ما يأتي من المخلوقين لأن ذلك قد يجر إلى ضد ما يراه من التوكل وقد سئل أحمد عن رجل جلس في بيته أو في المسجد وقال لا أعمل شيئا