تعالى من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم اعمالهم فيها إلى قوله ما كانوا يعملون وقيل المراد من قصد بعمله ان يسمعه الناس ويروه ليعظموه وتعلو منزلته عندهم حصل له ما قصد وكان ذلك جزاءه على عمله ولا يثاب عليه في الآخرة وقيل المعنى من سمع بعيوب الناس وأذاعها أظهر الله عيوبه وسمعه المكروه وقيل المعنى من نسب إلى نفسه عملا صالحا لم يفعله وادعى خيرا لم يصنعه فإن الله يفضحه ويظهر كذبه وقيل المعنى من يرائي الناس بعمله أراه الله ثواب ذلك العمل وحرمه إياه وقيل معنى سمع الله به شهره أو ملأ اسماع الناس بسوء الثناء عليه في الدنيا أو في القيامة بما ينطوي عليه من خبث السريرة قلت ورد في عدة أحاديث التصريح بوقوع ذلك في الآخرة فهو المعتمد فعند أحمد والدارمي من حديث أبي هند الداري رفعه من قام مقام رياء وسمعه رأى الله به يوم القيامة وسمع به وللطبراني من حديث عوف بن مالك نحوه وله من حديث معاذ مرفوعا ما من عبد يقوم في الدنيا مقام سمعة ورياء الا سمع الله به على رؤوس الخلائق يوم القيامة وفي الحديث استحباب اخفاء العمل الصالح لكن قد يستحب اظهاره ممن يقتدى به على ارادته الاقتداء به ويقدر ذلك بقدر الحاجة قال بن عبد السلام يستثنى من استحباب اخفاء العمل من يظهره ليقتدي به أو لينتفع به ككتابة العلم ومنه حديث سهل الماضي في الجمعة لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي قال الطبري كان بن عمر وبن مسعود وجماعة من السلف يتهجدون في مساجدهم ويتظاهرون بمحاسن اعمالهم ليقتدى بهم قال فمن كان إماما يستن بعمله عالما بما لله عليه قاهرا لشيطانه استوى ما ظهر من عمله وما خفي لصحة قصده ومن كان بخلاف ذلك فالاخفاء في حقه أفضل وعلى ذلك جرى عمل السلف فمن الأول حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال سمع النبي صلى الله عليه وسلّم رجلا يقرأ ويرفع صوته بالذكر فقال انه اواب قال فإذا هو المقداد بن الأسود أخرجه الطبري ومن الثاني حديث الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قام رجل يصلي فجهر بالقراءة فقال له النبي صلى الله عليه وسلّم لا تسمعني واسمع ربك أخرجه احمد وبن أبي خيثمة وسنده حسن .
( قوله باب من جاهد نفسه في طاعة الله D ) .
يعني بيان فضل من جاهد والمراد بالمجاهدة كف النفس