اللمم مقارفة المعصية ويعبر به عن الصغيرة ومحصل كلام بن عباس تخصيصه ببعضها ويحتمل ان يكون أراد ان ذلك من جملة اللمم أو في حكم اللمم قوله ان الله كتب على بن ادم أي قدر ذلك عليه أو أمر الملك بكتابته كما تقدم بيانه في شرح حديث بن مسعود الماضي قريبا قوله أدرك ذلك لا محالة بفتح الميم أي لا بد له من عمل ما قدر عليه انه يعمله وبهذا تظهر مطابقة الحديث للترجمة قال بن بطال كل ما كتبه الله على الادمي فهو قد سبق في علم الله والا فلا بد ان يدركه المكتوب عليه وان الإنسان لا يستطيع ان يدفع ذلك عن نفسه الا انه يلام إذا واقع ما نهى عنه بحجب ذلك عنه وتمكينه من التمسك بالطاعة فبذلك يندفع قول القدرية والمجبرة ويؤيده قوله والنفس تمنى وتشتهي لأن المشتهى بخلاف الملجأ قوله حظه من الزنا إطلاق الزنا على اللمس والنظر وغيرهما بطريق المجاز لأن كل ذلك من مقدماته قوله فزنا العين النظر أي إلى ما لا يحل للناظر وزنا اللسان المنطق في رواية الكشميهني النطق بضم النون بغير ميم في أوله قوله والنفس تمنى بفتح أوله على حذف إحدى التاءين والأصل تتمنى قوله والفرج يصدق ذلك أو يكذبه يشير إلى ان التصديق هو الحكم بمطابقة الخبر للواقع والتكذيب عكسه فكان الفرج هو الموقع أو الواقع فيكون تشبيها ويحتمل ان يريد ان الايقاع يستلزم الحكم بها عادة فيكون كناية قال الخطابي المراد باللمم ما ذكره الله في قوله تعالى الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش الا اللمم وهو المعفو عنه وقال في الآية الأخرى ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم فيؤخذ من الايتين ان اللمم من الصغائر وانه يكفر باجتناب الكبائر وقد تقدم بيان ذلك في الكلام على حديث من هم بحسنة ومن هم بسيئة في وسط كتاب الرقاق وقال بن بطال تفضل الله على عباده بغفران اللمم إذا لم يكن للفرج تصديق بها فإذا صدقها الفرج كان ذلك كبيرة ونقل الفراء ان بعضهم زعم ان الا في قوله الا اللمم بمعنى الواو وأنكره وقال الا صغائر الذنوب فإنها تكفر باجتناب كبارها وانما اطلق عليها زنا لأنها من دواعيه فهو من إطلاق اسم المسبب على السبب مجازا وفي قوله والنفس تشتهي والفرج يصدق أو يكذب ما يستدل به على ان العبد لا يخلق فعل نفسه لأنه قد يريد الزنا مثلا ويشتهيه فلا يطاوعه العضو الذي يريد ان يزني به ويعجزه الحيلة فيه ولا يدري لذلك سببا ولو كان خالقا لفعله لما عجز عن فعل ما يريده مع وجود الطواعية واستحكام الشهوة فدل على ان ذلك فعل مقدر يقدرها إذا شاء ويعطلها إذا شاء ق .
( وله باب وما جعلنا الرؤيا التي اريناك الا فتنة للناس ) .
ذكر فيه حديث بن عباس وقد تقدم في تفسير سورة سبحان مستوفي ووجه دخوله في أبواب القدر من ذكر الفتنة وان الله سبحانه وتعالى هو الذي جعلها وقد قال موسى عليه السلام ان هي الا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء وأصل الفتنة الاختبار