أهل المدينة لأن التشريع وقع على ذلك اولا وأكد ذلك بدعاء النبي صلى الله عليه وسلّم لهم بالبركة في ذلك قوله وما توارث أهل المدينة من ذلك قرنا بعد قرن أشار بذلك إلى ان مقدار المد والصاع في المدينة لم يتغير لتواتره عندهم إلى زمنه وبهذا احتج مالك على أبي يوسف في القصة المشهورة بينهما فرجع أبو يوسف عن قول الكوفيين في قدر الصاع إلى قول أهل المدينة ثم ذكر في الباب ثلاثة أحاديث الأول حديث السائب بن يزيد وقوله .
6334 - كان الصاع على عهد النبي صلى الله عليه وسلّم مدا وثلثا بمدكم اليوم فزيد فيه في زمن عمر بن عبد العزيز قال بن بطال هذا يدل على ان مدهم حين حدث به السائب كان أربعة ارطال فإذا زيد عليه ثلثه وهو رطل وثلث قام منه خمسة ارطال وثلث وهو الصاع بدليل ان مده صلى الله عليه وسلّم رطل وثلث وصاعه أربعة امداد ثم قال مقدار ما زيد فيه في زمن عمر بن عبد العزيز لا نعلمه وانما الحديث يدل على ان مدهم ثلاثة امداد بمده انتهى ومن لازم ما قال ان يكون صاعهم ستة عشر رطلا لكن لعله لم يعلم مقدار الرطل عندهم إذ ذاك وقد تقدم في باب الوضوء بالمد من كتاب الطهارة بيان الاختلاف في مقدار المد والصاع ومن فرق بين الماء وغيره من المكيلات فخص صاع الماء بكونه ثمانية ارطال ومده برطلين فقصر الخلاف على غير الماء من المكيلات الحديث الثاني .
6335 - قوله حدثنا أبو قتيبة وهو سلم بفتح المهملة وسكون اللام وفي رواية الدارقطني من وجه اخر عن المنذر حدثنا أبو قتيبة سلم بن قتيبة قلت وهو الشعيري بفتح الشين المعجمة وكسر المهملة بصرى أصله من خراسان أدركه البخاري بالسن ومات قبل ان يلقاه وهو غير سلم بن قتيبة الباهلي ولد أمير خراسان قتيبة بن سلم وقد ولي هو امرة البصرة وهو أكبر من الشعيري ومات قبله بأكثر من خمسين سنة قوله المد الأول هو نعت مد النبي صلى الله عليه وسلّم وهي صفة لازمة له وأراد نافع بذلك انه كان لا يعطى بالمد الذي أحدثه هشام قال بن بطال وهو أكبر من مد النبي صلى الله عليه وسلّم بثلثي رطل وهو كما قال فان المد الهشامي رطلان والصاع منه ثمانية ارطال قوله قال لنا مالك هو مقول أبي قتيبة وهو موصول قوله مدنا أعظم من مدكم يعني في البركة أي مد المدينة وان كان دون مد هشام في القدر لكن مد المدينة مخصوص با لبركة الحاصلة بدعاء النبي صلى الله عليه وسلّم لها فهو أعظم من مد هشام ثم فسر مالك مراده بقوله ولا نرى الفضل الا في مد النبي صلى الله عليه وسلّم قوله وقال لي مالك لو جاءكم أمير الخ أراد مالك بذلك الزام مخالفه إذ لا فرق بين الزياده والنقصان في مطلق المخالفة فلو احتج الذي تمسك بالمد الهشامي في إخراج زكاة الفطر وغيرها مما شرع إخراجه بالمد كاطعام المساكين في كفارة اليمين بان الاخذ بالزائد أولى قيل كفى باتباع ما قدره الشارع بركة فلو جازت المخالفة بالزيادة لجازت مخالفته بالنقص فلما امتنع المخالف من الاخذ بالناقص قال له أفلا ترى ان الأمر انما يرجع إلى مد النبي صلى الله عليه وسلّم لأنه إذا تعارضت الامداد الثلاثة الأول والحادث وهو الهشامي وهو زائد عليه والثالث المفروض وقوعه وان لم يقع وهو دون الأول كان الرجوع إلى الأول أولى لأنه الذي تحققت شرعيته قال بن بطال والحجة فيه نقل أهل المدينة له قرنا بعد قرن وجيلا بعد جيل قال وقد رجع أبو يوسف بمثل هذا في تقدير المد والصاع إلى مالك وأخذ بقوله تنبيه هذا الحديث غريب لم يروه عن مالك الا أبو قتيبة ولا عنه الا المنذر وقد ضاق مخرجه على الإسماعيلي وعلى أبي نعيم فلم يستخرجاه بل ذكراه من طريق البخاري وقد أخرجه الدارقطني في غرائب مالك من طريق البخاري وأخرجه أيضا عن بن عقدة عن الحسين بن القاسم البجلي عن المنذر به دون كلام مالك وقال صحيح أخرجه البخاري عن المنذر به الحديث الثالث حديث أنس في