القول الأول وكلاهما شاذ وأظن الأول رأي البخاري فإنه لم يترجم بالعدد أصلا ولا أخرج هنا في العدد الصريح شيئا مرفوعا وتمسك من قال لا يزاد على الأربعين بأن أبا بكر تحرى ما كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلّم فوجده أربعين فعمل به ولا يعلم له في زمنه مخالف فان كان السكوت إجماعا فهذا الإجماع سابق على ما وقع في عهد عمر والتمسك به أولى لأن مستنده فعل النبي صلى الله عليه وسلّم ومن ثم رجع إليه علي ففعله في زمن عثمان بحضرته وبحضرة من كان عنده من الصحابة منهم عبد الله بن جعفر الذي باشر ذلك والحسن بن علي فان كان السكوت إجماعا فهذا هو الأخير فينبغي ترجيحه وتمسك من قال بجواز الزيادة بما صنع في عهد عمر من الزيادة ومنهم من أجاب عن الأربعين بأن المضروب كان عبدا وهو بعيد فاحتمل الأمرين أن يكون حدا أو تعزيرا وتمسك من قال بجواز الزيادة على الثمانين تعزيرا بما تقدم في الصيام أن عمر حد الشارب في رمضان ثم نفاه إلى الشام وبما أخرجه بن أبي شيبة أن عليا جلد النجاشي الشاعر ثمانين ثم أصبح فجلده عشرين بجراءته بالشرب في رمضان وسيأتي الكلام في جواز الجمع بين الحد والتعزير في الكلام على تغريب الزاني ان شاء الله تعالى وتمسك من قال يقتل في الرابعة أو الخامسة بما سأذكره في الباب الذي بعده ان شاء الله تعالى وقد استقر الإجماع على ثبوت حد الخمر وأن لا قتل فيه واستمر الاختلاف في الأربعين والثمانين وذلك خاص بالحر المسلم وأما الذمي فلا يحد فيه وعن أحمد رواية أنه يحد وعنه إن سكر والصحيح عندهم كالجمهور وأما من هو في الرق فهو على النصف من ذلك إلا عند أبي ثور وأكثر أهل الظاهر فقالوا الحر والعبد في ذلك سواء لا ينقص عن الأربعين نقله بن عبد البر وغيره عنهم وخالفهم بن حزم فوافق الجمهور .
( قوله باب ما يكره من لعن شارب الخمر ) .
وأنه ليس بخارج من الملة يشير إلى طريق الجمع بين ما تضمنه حديث الباب من النهي عن لعنه وما تضمنه حديث الباب الأول لا يشرب الخمر وهو مؤمن وأن المراد به نفي