( قوله باب بطانة الامام وأهل مشورته ) .
بضم المعجمة وسكون الواو وفتح الراء من يستشيره في أموره قوله البطانة الدخلاء هو قول أبي عبيدة قال في قوله تعالى لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا البطانة الدخلاء والخبال الشر انتهى والدخلاء بضم ثم فتح جمع دخيل وهو الذي يدخل على الرئيس في مكان خلوته ويفضي إليه بسره ويصدقه فيما يخبره به مما يخفى عليه من أمر رعيته ويعمل بمقتضاه وعطف أهل مشورته على البطانة من عطف الخاص على العام وقد ذكرت حكم المشورة في باب متى يستوجب الرجل القضاء وأخرج أبو داود في المراسيل من رواية عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين أن رجلا قال يا رسول الله ما الحزم قال ان تشاور ذا لب ثم تطيعه ومن رواية خالد بن معدان مثله غير أنه قال ذا رأي قال الكرماني فسر البخاري البطانة بالدخلاء فجعله جمعا انتهى ولا محذور في ذلك .
6773 - قوله ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة في رواية صفوان بن سليم ما بعث الله من نبي ولا بعده من خليفة والرواية التي في الباب تفسر المراد بهذا وان المراد ببعث الخليفة استخلافه ووقع في رواية الأوزاعي ومعاوية بن سلام ما من وال وهي أعم قوله بطانة تأمره بالمعروف في رواية سليمان بالخير وفي رواية معاوية بن سلام بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر وهي تفسر المراد بالخير قوله وتحضه عليه بالحاء المهملة وضاد معجمة ثقيلة أي ترغبه فيه وتؤكده عليه قوله وبطانة تأمره بالشر في رواية الأوزاعي وبطانة لاتألوه خبالا وقد استشكل هذا التقسيم بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلّم لأنه وان جاز عقلا أن يكون فيمن يداخله من يكون من أهل الشر لكنه لا يتصور منه ان يصغى إليه ولا يعمل بقوله لوجود العصمة وأجيب بأن في بقية الحديث الإشارة إلى سلامة النبي صلى الله عليه وسلّم من ذلك بقوله فالمعصوم من عصم الله تعالى فلا يلزم من وجود من يشير على النبي صلى الله عليه وسلّم بالشر أن يقبل منه وقيل المراد بالبطانتين في حق النبي الملك والشيطان واليه الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلّم ولكن الله أعانني عليه فأسلم وقوله لا تألوه خبالا أي لا تقصر في افساد أمره لعمل مصلحتهم وهو اقتباس من قوله تعالى لا يألونكم خبالا ونقل بن التين عن أشهب انه ينبغي للحاكم أن يتخذ من يستكشف له أحوال الناس في السر وليكن ثقة مأمونا فطنا عاقلا لأن المصيبة انما تدخل على الحاكم المأمون من قبوله قول من لا يوثق به إذا كان هو حسن الظن به فيجب عليه ان يتثبت في مثل ذلك قوله فالمعصوم من عصم الله في رواية بعضهم من عصمه الله بزيادة الضمير وهو مقدر في الرواية الأخرى ووقع في رواية الأوزاعي ومعاوية بن سلام ومن وقى شرها فقد وقى وهو من الذي غلب عليه منهما وفي رواية صفوان بن سليم فمن وقى بطانة السوء فقد وقى وهو بمعنى الأول والمراد به اثبات الأمور كلها لله تعالى فهو الذي يعصم من شاء منهم فالمعصوم من عصمه الله لا من عصمته نفسه إذ لا يوجد من تعصمه نفسه حقيقة الا ان كان الله عصمه وفيه إشارة إلى ان ثم قسما ثالثا وهو أن