ان يكون له مخترع لتسلسل فلا بد من الانتهاء إلى موجد قديم والقديم من لا يتقدمه شيء ولا يصح عدمه وهو فاعل لا مفعول وهو الله تبارك وتعالى وقال الكرماني ثبت ان معرفة الله بالدليل فرض عين أو كفاية والطريق إليها بالسؤال عنها متعين لأنها مقدمتها لكن لما عرف بالضرورة ان الخالق غير مخلوق أو بالكسب الذي يقارب الصدق كان السؤال عن ذلك تعنتا فيكون الذم يتعلق بالسؤال الذي يكون على سبيل التعنت والا فالتوصل إلى معرفة ذلك وإزالة الشبهة عنه صريح الإيمان إذ لا بد من الانقطاع إلى من يكون له خالق دفعا للتسلسل وقد تقدم نحو هذا في صفة إبليس من بدء الخلق وما ذكره من ثبوت الوجوب يأتي البحث فيه ان شاء الله تعالى في أول كتاب التوحيد ويقال ان نحو هذه المسألة وقعت في زمن الرشيد في قصة له مع صاحب الهند وانه كتب إليه هل يقدر الخالق ان يخلق مثله فسأل أهل العلم فبدر شاب فقال هذا السؤال محال لأن المخلوق محدث والمحدث لا يكون مثل القديم فاستحال ان يقال يقدر ان يخلق مثله أو لا يقدر كما يستحيل ان يقال في القادر العالم يقدر ان يصير عاجزا جاهلا الحديث التاسع حديث بن مسعود في سؤال اليهود عن الروح وقد تقدم شرحه مستوفى في تفسير سورة سبحان وقوله .
6867 - في هذه الرواية فقام ساعة فنظر فعرفت انه يوحى إليه فتأخرت حتى صعد الوحي ظاهر في انه أجابهم في ذلك الوقت وهو يرد على ما وقع في مغازي موسى بن عقبة وسير سليمان التيمي ان جوابه تأخر ثلاثة أيام وفي سيرة بن إسحاق انه تأخر خمسة عشر يوما وسيأتي البحث في شيء منه بعد أربعة أبواب ان شاء الله تعالى .
( قوله باب الاقتداء بأفعال النبي صلى الله عليه وسلّم ) .
الأصل فيه قوله تعالى لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة وقد ذهب جمع إلى وجوبه لدخوله في عموم الأمر بقوله تعالى وما أتاكم الرسول فخذوه وبقوله فاتبعوني يحببكم الله وبقوله تعالى فاتبعوه فيجب اتباعه في فعله كما يجب في قوله حتى يقوم دليل على الندب أو الخصوصية وقال آخرون يحتمل الوجوب والندب والاباحة فيحتاج إلى القرينة والجمهور للندب إذا ظهر وجه القربة وقيل ولو لم يظهر ومنهم من فصل بين التكرار وعدمه وقال آخرون ما يفعله صلى الله عليه وسلّم ان كان بيانا لمجمل فحكمه حكم ذلك المجمل وجوبا أو ندبا أو إباحة فان ظهر وجه القربة فللندب وما لم يظهر فيه وجه التقرب فللاباحة واما تقريره على ما يفعل بحضرته فيدل على الجواز والمسألة مبسوطة في أصول الفقه ويتعلق بها تعارض قوله وفعله ويتفرع من ذلك حكم الخصائص وقد أفردت بالتصنيف ولشيخ شيوخنا الحافظ صلاح الدين العلائي فيه مصنف جليل وحاصل ما ذكر فيه ثلاثة أقوال أحدها يقدم القول لأن له صيغة تتضمن المعاني بخلاف الفعل ثانيها الفعل لأنه لا يطرقه من الاحتمال ما يطرق القول ثالثها يفزع إلى الترجيح وكل ذلك محله