( قوله باب قول الله تعالى وأمرهم شورى بينهم وشاورهم في الأمر ) .
هكذا وقعت هذه الترجمة مقدمة على اللتين بعدها عند أبي ذر ولغيره مؤخرة عنهما وآخرها النسفي أيضا لكن سقطت عنده ترجمة النهي على التحريم وما معها فاما الآية الأولى فأخرج البخاري في الأدب المفرد وبن أبي حاتم بسند قوي عن الحسن قال ما تشاور قوم قط بينهم الا هداهم الله لأفضل ما يحضرهم وفي لفظ الا عزم الله لهم بالرشد أو بالذي ينفع واما الآية الثانية فأخرج بن أبي حاتم بسند حسن عن الحسن أيضا قال قد علم انه ما به إليهم حاجة ولكن أراد ان يستن به من بعده وفي حديث أبي هريرة ما رأيت أحدا أكثر مشورة لأصحابه من النبي صلى الله عليه وسلّم ورجاله ثقات الا انه منقطع وقد أشار إليه الترمذي في الجهاد فقال ويروى عن أبي هريرة فذكره وتقدم في الشروط من حديث المسور بن مخرمة قوله صلى الله عليه وسلّم أشيروا علي في هؤلاء القوم وفيه جواب أبي بكر وعمر وعمله صلى الله عليه وسلّم بما اشارا به وهو في الحديث الطويل في صلح الحديبية قوله وان المشاورة قبل العزم والتبين لقوله تعالى فإذا عزمت فتوكل على الله وجه الدلالة ما ورد عن قراءة عكرمة وجعفر الصادق بضم التاء من عزمت أي إذا أرشدتك إليه فلا تعدل عنه فكأن المشاورة انما تشرع عند عدم العزم وهو واضح وقد اختلف في متعلق المشاورة فقيل في كل شيء ليس فيه نص وقيل في الأمر الدنيوي فقط وقال الداودي انما كان يشاورهم في أمر الحرب مما ليس فيه حكم لأن معرفة الحكم انما تلتمس منه قال ومن زعم انه كان يشاورهم في الأحكام فقد غفل غفلة عظيمة واما في غير الأحكام فربما رأى غيره أو سمع ما لم يسمعه أو يره كما كان يستصحب الدليل في الطريق وقال غيره اللفظ وان كان عاما لكن المراد به الخصوص للاتفاق على انه لم يكن يشاورهم في فرائض الأحكام قلت وفي هذا الإطلاق نظر فقد اخرج الترمذي وحسنه وصححه بن حبان من حديث علي قال لما نزلت يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول الآية قال لي النبي صلى الله عليه وسلّم ما ترى دينار قلت لا يطيقونه قال فنصف دينار قلت لا يطيقونه قال فكم قلت شعيرة قال انك لزهيد فنزلت أأشفقتم الآية قال فبي خفف الله عن هذه الأمة ففي هذا الحديث المشاورة في بعض الأحكام ونقل السهيلي عن بن عباس ان المشاورة مختصة بأبي بكر وعمر ولعله من تفسير الكلبي ثم وجدت له مستندا في فضائل الصحابة لأسد بن موسى والمعرفة ليعقوب بن سفيان بسند لا بأس به عن عبد الرحمن