( قوله باب قول الله تعالى وهو العزيز الحكيم سبحان ربك رب العزة عما يصفون ولله العزة ولرسوله اما الآية ) .
الأولى فوقعت في عدة سور وتكررت في بعضها وأول موضع وقع فيه وهو العزيز الحكيم في سورة إبراهيم واما مطلق العزيز الحكيم فأول ما وقع في البقرة في دعاء إبراهيم عليه السلام لأهل مكة ربنا وابعث فيهم رسولا منهم الآية وآخرها انك أنت العزيز الحكيم وتكرر العزيز الحكيم ووعزيز حكيم بغير لام فيهما في عدة من السور واما الآية الثانية ففي إضافة العزة إلى الربوبية إشارة إلى ان المراد بها هنا القهر والغلبة ويحتمل ان تكون الإضافة للاختصاص كأنه قيل ذو العزة وانها من صفات الذات ويحتمل ان يكون المراد بالعزة هنا العزة الكائنة بين الخلق وهي مخلوقة فيكون من صفات الفعل فالرب على هذا بمعنى الخالق والتعريف في العزة للجنس فإذا كانت العزة كلها لله فلا يصح ان يكون أحد معتزا الا به ولا عزة لأحد الا وهو مالكها واما الآية الثالثة فيعرف حكمها من الثانية وهي بمعنى الغلبة لأنها جاءت جوابا لمن ادعى انه الأعز وان ضده الأذل فيرد عليه بأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين فهو كقوله كتب الله لأغلبن انا ورسلي ان الله قوي عزيز قوله ومن حلف بعزة الله وصفاته كذا للأكثر وفي رواية المستملي وسلطانه بدل وصفاته والأول أولى وقد تقدم في الإيمان والنذور باب الحلف بعزة الله وصفاته وكلامه وتقدم توجيهه هناك قال بن بطال العزيز يتضمن العزة والعزة يحتمل ان تكون صفة ذات بمعنى القدرة والعظمة وان تكون صفة فعل بمعنى القهر لمخلوقاته والغلبة لهم ولذلك صحت إضافة اسمه إليها قال ويظهر الفرق بين الحالف بعزة الله التي هي صفة ذاته والحالف بعزة الله التي صفة فعله بأنه يحنث في الأولى دون الثانية بل هو منهي عن الحلف بها كما نهى عن الحلف بحق السماء وحق زيد قلت وإذا اطلق الحالف انصرف إلى صفة الذات وانعقدت اليمين الا ان قصد خلاف ذلك بدليل أحاديث الباب وقال الراغب العزيز الذي يقهر ولا يقهر فإن العزة التي لله هي الدائمة الباقية وهي العزة الحقيقية الممدوحة وقد تستعار العزة للحمية والانفة فيوصف بها الكافر والفاسق وهي صفة مذمومة ومنه قوله تعالى أخذته العزة بالإثم وأما قوله تعالى من كان يريد العزة فلله العزة جميعا فمعناه من كان يريد أن يعز فليكتسب العزة من الله فانها له ولا تنال الا بطاعته ومن ثم أثبتها لرسوله وللمؤمنين فقال في الآية الأخرى ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين وقد ترد العزة بمعنى الصعوبة كقوله تعالى عزيز عليه ما عنتم وبمعنى الغلبة ومنه وعزني في الخطاب وبمعنى القلة كقولهم شاة عزوز إذا قل لبنها وبمعنى الامتناع ومنه قولهم أرض عزاز