( قوله باب ما جاء في تخليق السماوات والأرض وغيرها من الخلائق ) .
كذا للأكثر تخليق وفي رواية الكشميهني خلق السماوات وعليها شرح بن بطال وهو المطابق للآية وأما التخليق فإنه من خلق بالتشديد وقد استعمل في مثل قوله تعالى مخلقة وغير مخلقة وتقدمت الإشارة إلى تفسيره في كتاب الحيض قوله وهو فعل الرب وأمره المراد بالأمر هنا قوله كن والأمر يطلق بإزاء معان منها صيغة افعل ومنها الصفة والشأن والأول المراد هنا قوله فالرب بصفاته وفعله وأمره كذا ثبت للجميع وزاد أبو ذر في روايته وكلامه قوله وهو الخالق المكون غير مخلوق المكون بتشديد الواو المكسورة لم يرد في الأسماء الحسنى ولكن ورد معناه وهو المصور وقوله وكلامه بعد قوله وأمره من عطف الخاص على العام لأن المراد بالأمر هنا قوله كن وهو من جملة كلامه وسقط قوله من هذا الموضع وفعله في بعض النسخ قال الكرماني وهو أولى ليصح لفظ غير مخلوق كذا قال وسياق المصنف يقتضي التفرقة بين الفعل وما ينشأ عن الفعل فالأول من صفة الفاعل والباري غير مخلوق فصفاته غير مخلوقة وأما مفعوله وهو ما ينشأ عن فعله فهو مخلوق ومن ثم عقبه بقوله وما كان بفعله وأمره وتخليقه وتكوينه فهو مفعول مخلوق مكون بفتح الواو والمراد بالأمر هنا المأمور به وهو المراد بقوله تعالى وكان أمر الله مفعولا وبقوله تعالى والله غالب على امره ان قلنا الضمير لله وبقوله تعالى لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا بقوله تعالى قل الروح من أمر ربي وفي الحديث الصحيح أن الله يحدث من أمره ما يشاء وفيه سبوح قدوس رب الملائكة والروح وأما قوله تعالى الا له الخلق والأمر فسيأتي في آخر كتاب التوحيد احتجاج بن عيينة وغيره به على ان القرآن غير مخلوق لأن المراد بالأمر قوله تعالى كن وقد عطف على الخلق والعطف يقتضي المغايرة وكن من كلامه فصح الاستدلال ووهم من ظن ان المراد بالأمر هنا هو المراد بقوله تعالى وكان أمر الله مفعولا لأن المراد به في هذه الآية المأمور فهو الذي يوجد بكن وكن صيغة الأمر وهي من كلام الله وهو غير مخلوق والذي يوجد بها هو المخلوق وأطلق عليه الأمر لأنه نشأ عنه ثم وجدت بيان مراده في كتابه الذي أفرده في خلق أفعال العباد فقال اختلف الناس في الفاعل والفعل والمفعول فقالت القدرية الأفاعيل كلها من البشر وقالت الجبرية الأفاعيل كلها من الله وقالت الجهمية الفعل والمفعول واحد ولذلك قالوا كن مخلوق وقال السلف التخليق فعل الله وأفاعيلنا مخلوقة ففعل الله صفة الله والمفعول من سواه من المخلوقات انتهى ومسئلة التكوين مشهورة بين المتكلمين وأصلها أنهم اختلفوا هل صفة الفعل قديمة أو حادثة فقال جمع من السلف منهم أبو حنيفة هي قديمة وقال آخرون منهم بن كلاب والأشعري هي حادثة لئلا يلزم ان يكون المخلوق قديما وأجاب الأول بأنه يوجد في الأزل صفة الخلق ولا مخلوق وأجاب الأشعري بأنه لا يكون خلق ولا مخلوق كما لا يكون ضارب ولا مضروب فألزموه بحدوث صفات فيلزم حلول الحوادث بالله فأجاب بأن هذه الصفات لا تحدث في الذات شيئا جديدا فتعقبوه بأنه يلزم ان لا يسمى في الأزل خالقا ولا رازقا وكلام الله قديم وقد ثبت انه فيه الخالق الرزاق فانفصل بعض الأشعرية بأن إطلاق ذلك انما هو بطريق المجاز وليس المراد بعدم التسمية عدمها بطريق الحقيقة ولم يرتض هذا بعضهم بل قال وهو المنقول عن الأشعري نفسه ان الأسامي جارية مجرى الأعلام والعلم ليس بحقيقة ولا مجاز في اللغة واما في الشرع فلفظ الخالق الرازق صادق عليه تعالى بالحقيقة الشرعية والبحث انما هو فيها لا في الحقيقة اللغوية فالزموه بتجويز إطلاق اسم الفاعل على من لم يقم به الفعل فأجاب ان