إلى ثبوت ذلك وإنما قدمناه احتمالا وأما قوله بثمن فكأنه أخذه من إعطائها ما ذكر وليس بمستقيم لأن العطية المذكورة متقومة والماء مثلي وضمان المثلى إنما يكون بالمثل وينعكس ما قاله من جهة أخري وهو أن المأخوذ من فضل الماء للضرورة لا يجب العوض عنه وقال بعضهم فيه جواز طعام المخارجة لأنهم تخارجوا في عوض الماء وهو مبنى على ما تقدم وفيه إن الخوارق لا تغير الأحكام الشرعيه قوله قال أبو عبد الله صبأ الخ هذا في رواية المستملى وحده ووقع في نسخة الصغاني صبأ فلان أنخلع واصبأ أي كذلك وكذا قوله وقال أبو العالية الخ وقد وصله بن أبي حاتم من طريق الربيع بن أنس عنه وقال غيره هم منسوبون إلى صابئ بن متوشلخ عم نوح عليه السلام وروى بن مردويه بإسناد حسن عن بن عباس قال الصابئون ليس لهم كتاب انتهى ووقع في نسخة الصغاني أصب أمل وهذا سيأتي في تفسير سورة يوسف إن شاء الله تعالى وإنما أورد البخاري هذا هنا ليبين الفرق بين الصابئ المراد في هذا الحديث والصابئ المنسوب للطائفة المذكورة والله أعلم .
( قوله باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض الخ ) .
مراده إلحاق خوف المرض وفيه اختلاف بين الفقهاء بخوف العطش ولا اختلاف فيه قوله ويذكر إن عمرو بن العاص هذا التعليق وصله أبو داود والحاكم من طريق يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب عن عمران بن أبي أنس عن عبد الرحمن بن جبير عن عمرو بن العاص قال احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت أن اغتسل فأهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلّم فقال يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت أني سمعت الله يقول ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولم يقل شيئا وروياه أيضا من طريق عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب لكن زاد بين عبد الرحمن بن جبير وعبد الله بن عمرو رجلا وهو أبو قيس مولى عمرو بن العاص وقال في القصة فغسل مغابنه وتوضأ ولم يقل تيمم وقال فيه لو اغتسلت مت وذكر أبو داود إن الأوزاعي روى عن حسان بن عطية هذه القصة فقال فيها فتيمم انتهى ورواها عبد الرزاق من وجه آخر عن عبد الله بن عمرو بن العاص ولم يذكر التيمم والسياق الأول أليق بمراد المصنف وإسناده قوي لكنه علقه بصيغة التمريض لكونه اختصره وقد أوهم ظاهر سياقه إن عمرو بن العاص تلا الآية لأصحابه وهو جنب وليس كذلك وإنما تلاها بعد أن رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلّم وكان النبي صلى الله عليه وسلّم قد أمره على غزوة ذات السلاسل كما سيأتي في المغازي ووجه استدلاله بالآية ظاهر من سياق الرواية الثانية وقال البيهقي يمكن الجمع بين الروايات بأنه توضأ ثم تيمم عن الباقي وقال النووي وهو متعين قوله فلم يعنف حذف المفعول للعلم به أي لم يلم رسول الله صلى الله عليه وسلّم عمرا فكان ذلك تقريرا دالا على الجواز ووقع في رواية الكشميهني فلم يعنفه بزيادة هاء الضمير وفي هذا الحديث جواز التيمم لمن يتوقع من استعمال الماء الهلاك سواء كان لأجل برد أو غيره وجواز صلاة المتيمم بالمتوضئين وجواز الاجتهاد في زمن النبي صلى الله عليه وسلّم