ونفاه عما سواه وهو كل ما لا يؤكل ولا يشرب أو يؤكل ولا يوزن كالسفرجل والبطيخ العاشر أن العلة كونه مطعوما فقط سواء كان مكيلا أو موزونا أم لا ولا ربا فيما سوى المطعوم غير الذهب والفضة وهو مذهب الشافعي في الجديد وفي ( شرح المهذب ) وهو مذهب أحمد وابن المنذر .
قلت مذهب مالك في الموطأ أن العلة هي الإدخار للأكل غالبا وإليه ذهب ابن نافع وفي ( التمهيد ) قال مالك فلا تجوز في الفواكه التي تيبس وتدخر إلا مثلا بمثل يدا بيد إذا كانت من صنف واحد ويجيء على ما روى عن مالك أن العلة الإدخار للاقتيات أن لا يجرى الربا في الفواكه التي تيبس لأنها ليست بمقتات ولا يجري الربا في البيض لأنها وإن كانت مقتاتة فليست بمدخرة وذكر صاحب ( الجواهر ) ينقسم ما يطعم إلى ثلاثة أقسام إحداها ما اتفق على أنه طعام يجري فيه حكم الربا كالفواكه والخضر والبقول والزروع التي تؤكل غداء أو يعتصر منها ما يتغدى من الزيت كحب القرطم وزريعة الفجل الحمراء وما أشبه ذلك والثاني ما اتفق على أنه ليس بغداء بل هو دواء وذلك كالبر والزعفران والشاهترج وما يشبهها والثالث ما اختلف فيه للاختلاف في أحواله وعادات الناس فيه فمنه الطلع والبلح الصغير ومنه التوابل كالفلفل والكزبرة وما في معناها من الكمونين والزاريانج والأنيسون ففي إلحاق كل واحد منها بالطعام قولان ومنها الحلبة وفي إلحاقها بالطعام ثلاثة أقوال مفرق في الثالث فيلحق به الخضراء دون اليابسة ومنها الماء العذب قيل بإلحاقه بالطعام لما كان مما يتطعم وبه قوام الأجسام وقيل يمنع إلحاقه لأنه مشروب وليس بمطعوم وأما العلة في تحريم الربا في النقدين الثمنية وهل المعتبر في ذلك كونهما ثمنين في كل الأمصار أو جلها وفي كل الأعصار فتكون العلة بحسب ذلك قاصرة عليها أو المعتبر مطلق الثمنية فتكون متعدية إلى غيرهما في ذلك خلاف يبنى عليه الخلاف في جريان الربا في الفلوس إذا بيع بعضها ببعض أو بذهب أو بورق وفي ( الروضة ) والمراد بالمطعوم ما يعد للطعم غالبا تقوتا أو تأدما أو تفكها أو غيرها فيدخل فيه الفواكه والحبوب والبقول والتوابل وغيرها وسواء ما أكل نادرا كالبلوط والطرثوب وما أكل غالبا وما أكل وحده أو مع غيره ويجري الربا في الزعفران على الأصح وسواء أكل للتداوي كالاهليلج والبليلج والسقمونيا وغيرها وما أكل لغرض آخر وفي ( التتمة ) وجه أن ما يقتات كثيره ويستعمل قليله في الأدوية كالسقمونيا لا ربا فيه وهو ضعيف والطين الخراساني ليس ربويا على الأصح ودهن الكتاب والسمك وحب الكتان وماء الورد والعود ليس ربويا على الأصح والزنجبيل والمصطكى ربوي على الأصح والماء إذا صححنا بيعه ربوي على الأصح ولا ربا في الحيوان لكن ما يباح أكله على هيئته كالسمك الصغير على وجه لا يجري فيه الربا في الأصح وأما الذهب والفضية فقيل يثبت فيهما الربا لعينهما لا لعلة وقال الجمهور العلة فيهما صلاحية التمنية الغالية وإن شئت قلت جوهرية الأثمان غالبا والعبارتان تشملان التبر والمضروب والحلي والأواني منهما وفي تعدي الحكم إلى الفلوس إذا أراجت وجه والصحيح أنها لا ربا فيها لانتفاء الثمنية الغالبة ولا يتعدى إلى غير الفلوس من الحديد والرصاص والنحاس وغيرها قطعا انتهى .
55 - .
( باب بيع الطعام قبل أن يقبض وبيع ما ليس عندك ) .
أي هذا باب في بيان حكم بيع الطعام قبل القبض وكلمة أن مصدرية قوله وبيع ما ليس عندك بالجر عطف على بيع الطعام وليس في حديثي الباب بيع ما ليس عندك قاله ابن التين واعترض به ويمكن أن يجاب عنه بأنه استنبط من حديثي الباب أن بيع ما ليس عندك داخل في البيع قبل القبض ولا حاجة إلى ما قاله بعضهم وكأن بيع ما ليس عندك لم يثبت على شرطه فلذلك استنبطه من النص عن البيع قبل القبض وحديث ما ليس عندك رواه أصحاب السنن الأربعة فأبو داود أخرجه عن مسدد عن أبي عوانة وأخرجه الترمذي والنسائي عن قتيبة وأخرجه ابن ماجه عن بندار والكل أخرجوه عن حكيم بن حزام فلفظ الترمذي سألت رسول الله فقلت يأتيني الرجل فيسألني من المبيع ما ليس عندي أبتاع له من السوق ثم أبيعه منه قال لا تبع ما ليس عندك وأخرجت الأربعة أيضا نحوه عن عبد الله بن عمرو