ثلاث زنا بعد إحصان وكفر بعد إيمان وقتل نفس بغير نفس فنفى وجوب القتل إلا بما ذكر والنكول عن اللعان خارج عن ذلك فلا يجب رجمها وإذا لم يجب الرجم إذا كانت محصنة لم يجب الجلد في غير المحصن لأن أحدا لم يفرق بينهما فإن قيل امرئ مسلم إنما يتناول الرجل دون المرأة قيل له ليس كذلك لأنه لا خلاف أن المرأة مرادة بذلك وإن هذا الحكم عام فيهما جميعا وأيضا فإن ذلك للجنس كقوله إن امرؤ هلك ليس له ولد وقوله يوم يفر المرء من أخيه وأيضا لا خلاف أن الدم لا يستحق بالنكول في سائر الدعاوى وكذلك سائر الحدود فكان في اللعان أولى أن لا يستحق فإن قيل لما قال تعالى وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين وهو يعني حد الزنا ثم قال ويدرؤ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله فعرفه بالألف واللام علمنا أن المراد هو العذاب المذكور في قوله وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين قيل له ليست هذه قصة واحدة ولا حكما واحدا حتى يلزمه فيه ما قلت لأن أول السورة إنما هي في بيان حكم الزانيين ثم حكم القاذف وقد كان ذلك حكما ثابتا في قاذف الزوجات والأجنبيات جاريا على عمومه إلى أن نسخ عن قاذف الزوجات باللعان وليس في ذكره العذاب وهو يريد به حد الزنا في موضع ثم ذكر العذاب بالألف واللام في غيره ما يوجبه أن العذاب المذكور في لعان الزوجين هو المذكور في الزانيين إذ ليس يختص العذاب بالحد دون غيره وقد قال الله تعالى إلا أن يسجن أو عذاب أليم ولم يرد به الحد وقال لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه ولم يرد الحد وقال ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا ولم يرد به الحد وقال عبيد بن الأبرص ... والمرء ما عاش في تكذيب ... طول الحياة له تعذيب ... .
وقال النبي ص - السفر قطعة من العذاب فإذا كان اسم العذاب لا يختص بنوع من الإيلام دون غير ومعلوم أنه لم يرد به جميع سائر ضروب العذاب عليه لم يخل اللفظ من أحد معنيين إما أن يريد به الجنس فيكون على أدنى ما يسمى عذابا أي ضرب منه كان أو مجملا مفتقرا إلى البيان إذ غير جائز أن يكون المراد معهودا لأن المعهود هو ما تقدم ذكره في الخطاب فيرجع الكلام إليه إذ كان معناه متقررا عند المخاطبين وأن المراد عوده إليه فلما لم يكن في ذكر قذف الزوج وإيجاب اللعان ما يوجب استحقاق الحد على المرأة لم يجز أن يكون هو المراد بالعذاب وإذا كان ذلك كذلك وكانت الأيمان قد تكون حقا للمدعي