على أنحاء وروي عن أبي وائل عن حذيفة أنه قال لعبدالله رأيت ناسا عكوفا بين دارك ودار الأشعري لا تعير وقد علمت أن لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة أو في المسجد الحرام فقال عبدالله لعلهم أصابوا وأخطأت وحفظوا ونسيت وروى إبراهيم النخعي أن حذيفة قال لا اعتكاف إلا في ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجد النبي ص - وروي عن قتادة عن سعيد بن المسيب لا اعتكاف إلا في مسجد نبي وهذا موافق لمذهب حذيفة لأن المساجد الثلاثة هي مساجد الأنبياء عليهم السلام وقول آخر وهو ما روى إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحرث عن علي قال لا إعتكاف إلا في المسجد الحرام أو مسجد النبي ص - وروي عن عبدالله بن مسعود وعائشة وإبراهيم وسعيد بن جبير وأبي جعفر وعروة بن الزبير لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة فحصل من اتفاق جميع السلف أن من شرط الإعتكاف الكون في المسجد على اختلاف منها في عموم المساجد وخصوصها على الوجه الذي بينا ولم يختلف فقهاء الأمصار في جواز الاعتكاف في سائر المساجد التي تقام فيها الجماعات إلا شيء يحكى عن مالك ذكره عنه ابن عبدالحكم قال لا يعتكف أحد إلا في المسجد الجامع أو في رحاب المساجد التي تجوز فيها الصلاة وظاهر قوله وأنتم عاكفون في المساجد يبيح الاعتكاف في سائر المساجد لعموم اللفظ ومن اقتصر به على بعضها فعليه بإقامة الدلالة وتخصيصه بمساجد الجماعات لا دلالة عليه كما أن تخصيص من خصه بمساجد الأنبياء لما لم يكن عليه دليل سقط اعتباره فإن قيل قوله ص - لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجد الحرام ومسجد بيت المقدس ومسجدي هذا يدل على اعتبار تخصيص هذه المساجد وكذلك قوله ص - صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة في غيره إلا المسجد الحرام يدل على اختصاص هذين المسجدين بالفضيلة دون غيرهما قيل له لعمري أن هذا القول من النبي ص - في تخصيصه المساجد الثلاثة في حال والمسجدين في حال دليل على تفضيلهما على سائر المساجد وكذلك نقول كما قال ص - إلا أنه لا دلالة فيه على نفي جواز الاعتكاف في غيرهما كما لا دلالة على نفي جواز الجمعات والجماعات في غيرهما فغير جائز لنا تخصيص عموم الآية بما لا دلالة فيه على تخصيصهما وقول مالك في الرواية التي رويت عنه في تخصيص مساجد الجماعات دون مساجد الجماعات لا معنى له وكما لا تمنع صلاة الجمعة في سائر المساجد كذلك