لا يمتنع الاعتكاف فيها فكيف صار الاعتكاف مخصوصا بمساجد الجمعات دون مساجد الجماعات وقد اختلف الفقهاء في موضع اعتكاف النساء فقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر لا تعتكف المرأة إلا في مسجد بيتها ولا تعتكف في مسجد جماعة وقال مالك تعتكف المرأة في مسجد الجماعة ولا يعجبه أن تعتكف في مسجد بيتها وقال الشافعي العبد والمرأة والمسافر يعتكفون حيث شاؤا لأنه لا جمعة عليهم قال أبو بكر روي عن النبي ص - أنه قال لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن فأخبر أن بيتها خير لها ولم يفرق بين حالها في الاعتكاف وفي الصلاة ولما أجاز للمرأة الاعتكاف باتفاق الفقهاء وجب أن يكون ذلك في بيتها لقوله ص - وبيوتهن خير لهن فلو كانت ممن يباح لها الاعتكاف في المسجد لكان اعتكافها في المسجد أفضل ولم يكن بيوتهن خير لهن لأن الاعتكاف شرطه الكون في المساجد لمن يباح له الاعتكاف فيه ويدل عليه أيضا قوله ص - صلاة المرأة في دارها أفضل من صلاتها في مسجدها وصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في دارها وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها فلما كانت صلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد كان اعتكافها كذلك ويدل على كراهة الاعتكاف في المساجد للنساء ما حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا أبو معاوية ويعلى بن عبيد عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت كان رسول الله ص - إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه قالت وأنه أراد مرة أن يعتكف في العشر الأواخر من رمضان قالت فأمر ببنائه فضرب فلما رأيت ذلك أمرت ببنائي فضرب قالت وأمر غيري من أزواج النبي ص - ببنائه فضرب فلما صلى الفجر نظر إلى الأبنية فقال ما هذه آلبر تردن قالت ثم أمر ببنائه فقوض وأمر أزواجه بأبنيتهن فقوضت ثم أخر الاعتكاف إلى العشر الأول يعني من شوال وهذا الخبر يدل على كراهية الاعتكاف للنساء في المسجد بقوله آلبر تردن يعني أن هذا ليس من البر ويدل على كراهية ذلك منهن أنه لم يعتكف في ذلك الشهر ونقض بناءه حتى نقضن أبنيتهن ولو ساغ لهن الاعتكاف عنده لما ترك الاعتكاف بعد العزيمة ولما جوز لهن تركه وهو قربة إلى الله تعالى وفي هذا دلالة على أنه قد كره اعتكاف النساء في المساجد فإن قيل قد روى سفيان بن عيينة هذا الحديث عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة وقالت فيه فاستأذنت النبي ص - في الاعتكاف فأذن لي