ثم استأذنته زينب فأذن لها فلما صلى الفجر رأى في المسجد أربعة أبنية فقال ما هذا فقالوا لزينب وحفصة وعائشة فقال آلبر تردن فلم يعتكف فأخبرت في هذا الحديث بإذن رسول الله ص - قيل له ليس فيه أنه أذن لهن في الاعتكاف في المسجد ويحتمل أن يكون الإذن انصرف إلى اعتكافهن في بيوتهن ويدل عليه أنه لما رأى أبنيتهن في المسجد ترك الاعتكاف حتى تركن أيضا وهذا يدل على أن الإذن بديا لم يكن إذنا لهن في الاعتكاف في المسجد وأيضا فلو صح أن الإذن بديا انصرف إلى فعله في المسجد لكانت الكراهة دالة على نسخه وكان الآخر من أمره أولى مما تقدم فإن قيل لا يجوز أن يكون ذلك نسخا للإذن لأن النسخ عندكم لا يجوز قبل التمكن من الفعل قيل له قد كن مكن من الفعل لأدنى الاعتكاف لأنه من حين طلوع الفجر من ذلك اليوم أن صلى النبي ص - وأنكر فعلهن ذلك فقد حصل التمكين من الاعتكاف فلذلك جاز ورود النسخ بعده وأما قول الشافعي فيمن لا جمعة عليه أن له أن يعتكف حيث شاء فلا معنى له لأنه ليس للاعتكاف تعلق بالجمعة وقد وافقنا الشافعي على جواز الاعتكاف في سائر المساجد فيمن عليه جمعة ومن ليست عليه لا يختلفان في موضع الاعتكاف وإنما كره ذلك للمرأة في المسجد لأنها تصير لابثة مع الرجال في المسجد وذلك مكروه لها سواء كانت معتكفة أو غير معتكفة فأما من سواها فلا يختلف الحكم فيه لقوله تعالى وأنتم عاكفون في المساجد فلم يخصص من عليه جمعة من غيرهم فلا يختلف في الاعتكاف من عليه جمعة ومن ليست عليه لأنه نافلة ليس بفرض على أحد وقد اختلف الفقهاء في مدة الاعتكاف فقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر والشافعي له أن يعتكف يوما وما شاء وقد اختلفت الرواية عن أصحابنا في من دخل في الاعتكاف من غير إيجاب بالقول في إحدى الروايتين هو معتكف ما دام في المسجد وله أن يخرج متى شاء بعد أن يكون صائما في مقدرا لبثه فيه والرواية الأخرى وهي في غير الأصول أن عليه أن يتمه يوما وروى ابن وهب عن مالك قال ما سمعت أن أحدا اعتكف دون عشر ومن صنع ذلك لم أر عليه شيئا وذكر ابن القاسم عن مالك أنه كان يقول الاعتكاف يوم وليلة ثم رجع وقال لا اعتكاف أقل من عشرة أيام وقال عبيدالله بن الحسن لا أستحب أن يعتكف أقل من عشرة أيام قال أبو بكر تحديد مدة الاعتكاف لا يصح إلا بتوقيف أو اتفاق وهما معدومان فالموجب لتحديده متحكم قائل بغير دلالة