حكم أرض الموات إذا ملكت .
و أما بيان حكم أرض الموات إذا ملكت فيختص بها حكمان : .
أحدهما : حكم الحريم .
و الثاني : الوظيفة من العشر و الخراج .
أما الأول : فالكلام فيه في موضعين أحدهما في أصل الحريم و الثاني : في قدره .
أما أصله فلا خلاف في أن من حفر بئرا في أرض الموات يكون لها حريم حتى لو أراد أحد أن يحفر في حريمه له أن يمنعه [ لأن النبي عليه الصلاة و السلام جعل للبئر حريما ] و كذلك العين لها حريم بالإجماع [ لأنه عليه الصلاة و السلام جعل لكل أرض حريما ] و أما النهر فقد ذكرنا الكلام فيه و أما تقديره فحريم العين خمسمائة ذراع بالإجماع و به نطقت السنة و هو قوله عليه الصلاة و السلام [ للعين خمسمائة ذراع ] و حريم بئر العطن أربعون ذراعا بالإجماع نطقت به السنة قال النبي عليه الصلاة و السلام [ و حريم بئر العطن أربعون ذراعا ] .
و أما حريم بئر الناضح فقد اختلف فيه : عند أبي حنيفة C أربعون ذراعا و عندهما ستون ذراعا احتجا بما روى عن النبي عليه الصلاة و السلام أنه قال : [ و حريم بئر الناضح ستون ذراعا ] .
و جه قول أبي حنيفة : أن الملك في الموات يثبت بالأحياء بإذن الإمام أو بغير إذنه و لم يوجد منه إحياء الحريم و كذا إذن الإمام يتناول الحريم مقصودا إلا أن دخول الحريم لحاجة البئر إليه و حاجة الناضح تندفع بأربعين ذراعا من كل جانب كحاجة العطن فبقي الزيادة على ذلك على حكم الموات و الحديث يحتمل أنه قال عليه الصلاة و السلام [ ذلك في بئر خاص و الإمام و لاية ذلك ] .
و أما حريم النهر : فقد اختلف أبي يوسف و محمد في تقديره فعند أبي يوسف : قدر نصف بطن النهر من كل جانب النصف من هذا الجانب و النصف من ذلك الجانب و عند محمد قدر بطن النهر من كل جانب قدر جميعه .
و أما النهر : إذا حفر في أرض الموات فمنهم من ذكر الخلاف فيه بين أبي حنيفة و صاحبيه و الصحيح : أن له حريما بلا خلاف لما قلنا .
و الثاني كان حكم الوظيفة فإن أحياها مسلم قال أبي يوسف : إن كانت من حيز أرض العشر فهي عشرية و إن كانت من حيز أرض الخراج فهي خراجية و قال محمد : إن أحياها بماء العشر فهي عشرية و إن أحياها بماء الخراج فهي خراجية و إن أحياها ذمي فهي خراجية كيف ما كان بالإجماع و هي من مسائل كتاب العشر و الخراج و الله عز شأنه أعلم