المسح على القفازين .
ولا يجوز المسح على القفازين وهما لباسا الكفين لأنه شرع دفعا للحرج لتعذر النزع ولا حرج في نزع القفازين .
ومنها : أن لا يكون بالخف خرق كثير فأما اليسير فلا يمنع المسح وهذا قول أصحابنا الثلاثة وهو استحسان والقياس أن يمنع قليله و كثيره وهو قول زفر و الشافعي .
وقال مالك و سفيان الثوري : الخرق لا يمنع جواز المسح قل أو كثر بعد أن كان ينطلق عليه اسم الخف .
وجه قولهما : أن الشرع ورد بالمسح على الخفين فما دام اسم الخف له باقيا يجوز المسح عليه وجه القياس أنه لما ظهر شيء من القدم وإن قل وجب غسله لحلول الحدث به لعدم الاستتار بالخف والرجل في حق الغسل غير متجزئة فإذا وجب غسل بعضها وجب غسل كلها .
وجه الاستحسان : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أمر أصحابه Bهم بالمسح مع علمه بأن خفافهم لا تخلو عن قليل الخروق فكان هذا منه بيانا أن القليل من الخروق لا يمنع المسح ولأن المسح أقيم مقام الغسل ترفها فلو منع قليل الانكشاف لم يحصل الترفيه لوجوده في أغلب الخفاف والحد الفاصل بين القليل والكثير هو قدر ثلاث أصابع فإن كان الخرق قدر ثلاث أصابع منع و إلا فلا ثم المعتبر أصابع اليد أو أصابع الرجل ذكر محمد في الزيادات قدر ثلاث أصابع من أصغر أصابع الرجل و روى الحسن عن أبي حنيفة : ثلاث أصابع من أصابع اليد و إنما قدر بالثلاث لوجهين : أحدهما : أن هذا القدر إذا انكشف منع من قطع الأسفار و الثاني : أن الثلاث أصابع أكثر الأصابع و للأكثر حكم الكل ثم الخرق المانع أن يكون منفتحا بحيث يظهر ما تحته من القدم مقدار ثلاث أصابع أو يكون منضما لكنه عند المشي فأما إذا كان منضما لا ينفرج عند المشي فإنه لا يمنع و إن كان أكثر من ثلاث أصابع كذا روى المعلى عن أبي يوسف عن أبي حنيفة و إنما كان كذلك لأنه إذا كان منفتحا أو ينفتح عند المشي لا يمكن قطع السفر و إذا لم يكن يمنع وسواء كان الخرق في ظاهر الخف أو في باطنه أو من ناحية العقب بعد أن كان أسفل الكعبين لما قلنا و لو بدا من ثلاث من أنامله اختلف المشايخ فيه قال بعضهم : لا يمنع و قال بعضهم : يمنع و هو الصحيح .
و لو انكشف الظهارة و في داخله بطانة من جلد و لم يظهر القدم يجوز المسح عليه هذا إذا كان الخرق في موضع واحد فإن كان في مواضع متفرقة ينظر إن كان في خف واحد يجمع بعضها إلى بعض فإن بلغ ثلاث أصابع يمنع و إلا فلا و إن كان في خفين لا يجمع و قالوا في النجاسة : إن كانت على الخفين أنه يجمع بعضها إلى بعض فإذا زادت على قدر الدرهم منعت جواز الصلاة و الفرق أن الخرق إنما يمنع جواز المسح لظهور مقدار فرض المسح فإذا كان متفرقا فلم يظهر مقدار فرض المسح من كل واحد منهما و المانع من جواز الصلاة في النجاسة هو كونه حاملا للنجاسة و معنى الحمل متحقق سواء كان في خف واحد أو في خفين .
ومنها أن يمسح على ظاهر الخف حتى لو مسح على باطنه لا يجوز وهو قول عمر وعلي وأنس Bهم وهو ظاهر مذهب الشافعي وعنه أنه لو اقتصر على الباطن لا يجوز والمستحب عندنا الجمع بين الظاهر والباطن في المسح إلا إذا كان على باطنه نجاسة .
وحكى إبراهيم بن جابر في كتاب الاختلاف الإجماع على أن الاقتصار على أسفل الخف لا يجوز وكذا لو مسح على العقب أو على جانبي الخف أو على الساق لا يجوز والأصل فيه ما روي [ عن عمر Bه أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يأمر بالمسح على ظاهر الخفين ] .
و [ عن علي Bه أنه قال : لو كان الدين بالرأي لكان باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره و لكني رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يمسح على ظاهر خفيه دون باطنهما ] ولأن باطن الخف لا يخلو عن لوث عادة فالمسح عليه يكون تلويثا لليد ولأن فيه بعض الحرج وما شرع المسح إلا لدفع الحرج ولا تشترط .
النية في المسح على الخفين كما لا تشترط في مسح الرأس والجامع أن كل واحد منهما ليس ببدل عن الغسل بدليل أنه يجوز مع القدرة على الغسل بخلاف التيمم وكذا فعل المسح ليس بشرط أيضا لجوازه بدونه أيضا بل الشرط إصابة الماء حتى لو خاض الماء أو أصابه المطر جاز عن المسح ولو مر بحشيش مبتل فأصاب البلل ظاهر خفيه ان كان بلل الماء أو المطر جاز وإن كان بلل الطل قيل : لا يجوز لأن الطل ليس بماء والله أعلم