فصل : و أما حكم الصوم المؤقت .
و أما حكم الصوم المؤقت إذا فات عن وقته فالصوم المؤقت نوعان : صوم رمضان و المنذور في وقت بعينه .
أما صوم رمضان : فيتعلق بفواته أحكام ثلاثة : وجوب إمساك بقية اليوم تشبها بالصائمين في حال و وجوب القضاء في حال و وجوب الفداء في حال .
أما وجوب الإمساك تشبها بالصائمين : فكل من كان له عذر في صوم رمضان في أول النهار مانع من الوجوب أو مبيح للفطر ثم زال عذره و صار بحال لو كان عليه في أول النهار لوجب عليه الصوم و لا يباح له الفطر كالصيني إذا بلغ في بعض النهار و أسلم الكافر و أفاق المجنون و طهرت الحائض و قدم المسافر مع قيام الأهلية يجب عليه إمساك بقية اليوم و كذا من وجب عليه الصوم في أول النهار لوجود سبب الوجوب و الأهلية ثم تعذر عليه المضي فيه بأن أفطر متعمدا أو أصبح يوم الشك مفطرا ثم تبين أنه من رمضان أو تسحر على ظن أن الفجر لم يطلع ثم تبين له أنه طلع فإنه يجب عليه الإمساك في بقية اليوم تشبها بالصائمين و هذا عندنا .
و أما عند الشافعي : فكل من وجب عليه الصوم في أول النهار ثم تعذر عليه المضي مع قيام الأهلية يجب عليه إمساك بقية اليوم تشبها و من لا فلا .
فعلى قوله : لا يجب الإمساك على الصبي إذا بلغ في بعض النهار و الكافر إذا أسلم و المجنون إذا أفاق و الحائض إذا طهرت و المسافر إذا قدم مصره لأنه لم يجب عليه الصوم في أول النهار .
وجه قوله : أن الإمساك تشبها يجب خلفا عن الصوم و الصوم لم يجب فلم يجب الإمساك خلفا و لهذا لو قال : لله علي أن أصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان فقدم بعدما أكل الناذر فيه أنه لا يجب الإمساك كذا ههنا .
و لنا : ما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال في يوم عاشوراء : [ ألا من أكل فلا يأكلن بقية يومه ] .
و صوم عاشوراء كان فرضا يومئذ و لأن زمان رمضان وقت شريف فيجب تعظيم هذا الوقت بالقدر الممكن فإذا عجز عن تعظيمه بتحقيق الصوم فيه يجب تعظيمه بالتشبه بالصائمين قضاة لحقه بالقدر الممكن إذا كان أهلا للتشبه و نفيا لتعريض نفسه للتهمة و في حق هذا المعنى الوجوب في أول النهار و عدم الوجوب سواء .
و قوله : التشبه وجب خلفا عن الصوم ممنوع بل يجب قضاء لحرمة الوقت بقدر الإمكان لا خلقا بخلاف مسألة النذر لأن الوقت لا يستحق التعظيم حتى يجب قضاء حقه بإمساك بقية اليوم و ههنا بخلافه .
و أما وجوب القضاء فالكلام في قضاء صوم رمضان يقع في مواضع في بيان أصل وجوب القضاء و في بيان شرائط وجوب القضاء وفي بيان وقت وجوبه و كيفية الوجوب و بيان شرائط جوازه .
أما أصل الوجوب : فلقوله تعالى : { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } فأفطر فعدة من أيام أخر و لأن الأصل في العبادة المؤقتة إذا فاتت عن وقتها أن تقضى لما ذكرنا في كتاب الصلاة و سواء فاته صوم رمضان بعذر أو بغير عذر لأنه لما وجب على المعذور فلأن يجب على المقصر أولى و لأن المعنى يجمعهما و الحاجة إلى جبر الفائت بل حاجة غير المعذور أشد