حكم الأوراث .
و أما الأرواث فكلها نجسة عند عامة العلماء .
و قال زفر : روث ما يؤكل لحمه طاهر و هو قول مالك .
و احتج بما روي أن الشبان من الصحابة في منازلهم و في السفر كانوا يترامون بالجلة و هي البعرة اليابسة و لو كانت نجسة لما مسوها وعلل مالك بأنه وقود أهل المدينة يستعملونه استعمال الحطب .
و لنا : ما روينا [ عن عبد الله بن مسعود Bه أن النبي صلى الله عليه و سلم طلب منه أحجار الاستنجاء فأتى .
بحجرين و روثة فأخذ الحجرين و رمى الروثة و قال : إنها ركس ] أي نجس و لأن معنى النجاسة موجود فيها .
و هو الاستقذار في الطباع السليمة لاستحالتها إلى نتن وخبث رائحة مع إمكان التحرز عنه فكانت نجسة .
و منها : خرء بعض الطيور من الدجاج و البط و جملة الكلام فيه أن الطيور نوعان نوع لا يذرق في الهواء .
و نوع : يذرق في الهواء أما ما لا يذرق في الهواء كالدجاج و البط فخرؤهما نجس لوجود معنى النجاسة فيه و هو كونه مستقذرا لتغيره إلى نتن و فساد رائحة فأشبه العذرة .
و في الأوز عن أبي حنيفة روايتان : روى أبو يوسف عنه : أنه ليس بنجس و روى الحسن عنه : أنه .
نجس .
و ما يذرق في الهواء نوعان أيضا ما يؤكل لحمه كالحمام و العصفور و العقعق و نحوها و خرؤها طاهر عندنا و عند الشافعي : نجس .
وجه قوله : أن الطبع قد أحاله إلى فساد فوجد معنى النجاسة فأشبه الروث و العذرة .
و لنا : إجماع الأمة فإنهم اعتادوا اقتناء الحمامات في المسجد الحرام و المساجد الجامعة مع علمهم أنها تذرق فيها و لو كان نجسا لما فعلوا ذلك مع الأمر بتطهير المسجد و هو قوله تعالى : { أن طهرا بيتي للطائفين } .
و روي عن ابن عمر Bهما : أن حمامة ذرقت عليه فمسحه و صلى و عن ابن مسعود Bه مثل ذلك في العصفور وبه تبين أن مجرد إحالة الطبع لا يكفي للنجاسة ما لم يكن للمستحيل نتن و خبث رائحة تستخبثه الطباع السليمة و ذلك منعدم ههنا على أنا إن سلمنا ذلك لكان التحرز عنه غير ممكن لأنها تذرق في الهواء فلا يمكن صيانة الثياب و الأواني عنه فسقط اعتباره للضرورة كدم البق .
و ا لبراغيث .
وحكى مالك في هذه المسألة الإجماع على الطهارة و مثله لا يكذب فلئن لم يثبت الإجماع من حيث .
القول يثبت من حيث الفعل و هو ما بينا و ما لا يؤكل لحمه كالصقر و البازي و الحدأة و أشباه ذلك خرؤها .
طاهر عند أبي حنيفة و أبي يوسف و عند محمد : نجس نجاسة غليظة .
وجه قوله أنه وجد معنى النجاسة فيه لإحالة الطبع إياه إلى خبث و نتن رائحة فأشبه غير المأكول من البهائم و لا ضرورة إلى إسقاط اعتبار نجاسته لعدم المخالطة لأنها تسكن المروج و المفاوز بخلاف الحمام و نحو ه .
و لهما : أن الضرورة متحققة لأنها تذرق في الهواء فيتعذر صيانة الثياب و الأواني عنها و كذا المخالطة ثابتة بخلاف الدجاج و البط لأنهما لا يذرقان في الهواء فكانت الصيانة ممكنة .
و خرء الفأرة نجس لاستحالته إلى خبث و نتن رائحة و اختلفوا في الثوب الذي أصابه بولها حكي عن .
بعض مشايخ بلخ أنه قال : لو ابتليت به لغسلته فقيل له من لم يغسله و صلى فيه ؟ فقال لا آمره بالإعادة و بول الخفافيش وخرؤها ليس بنجس لتعذر صيانة الثياب و الأواني عنه لأنها تبول في الهواء و هي فأرة طيارة فلهذا تبول