حكم التسمية حال التذكر .
و إذا ثبت أن التسمية حالة الذكر من شرائط الحل عندنا فبعد ذلك يقع الكلام في بيان ركن التسمية و في بيان شرائط الركن و في بيان وقت التسمية أما ركنها فذكر اسم الله عز و جل أي اسم كان لقوله تبارك و تعالى : { فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين * وما لكم أن لا تأكلوا مما ذكر اسم الله } من غير فصل بين اسم و اسم و قوله عز شأنه { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه } لأنه إذا ذكر اسما من أسماء الله تبارك و تعالى لم يكن المأكول مما لم يذكر اسم الله عليه فلم يكن محرما و سواء قرن بالاسم الصفة بأن قال الله أكبر الله أجل الله أعظم الله الرحمن الله الرحيم و نحو ذلك أو لم يقرن بأن قال الله أو الرحمن أو الرحيم أو غير ذلك لأنه المشروط بالآية عز شأنه و قد وجد و كذا في حديث عدي بن حاتم Bهما إذا أرسلت كلبك المعلم و ذكرت اسم الله عليه فكل من غير فصل بين اسم و اسم و كذا التهليل و التحميد و التسبيح سواء كان جاهلا بالتسمية المعهودة أو عالما بها لما قلنا و هذا ظاهر على أصل أبي حنيفة و محمد Bهما في تكبيرة الافتتاح أنه يصير شارعا في الصلاة بلا إله إلا الله أو الحمد لله أو سبحان الله فههنا أولى .
و أما على أصل أبي يوسف C فلا يصير شارعا بهذه الألفاظ و تصح بها عنده فيحتاج هو إلى الفرق و الفرق له أن الشرع ما ورد هناك إلا بلفظ التكبير و ههنا ورد بذكر اسم الله تعالى و سواء كانت التسمية بالعربية أو بالفارسية أو أي لسان كان و هو لا يحسن العربية أو يحسنها كذا روى بشر عن أبي يوسف رحمهما الله لو أن رجلا سمى على الذبيحة بالرومية أو بالفارسية و هو يحسن العربية أو لا يحسنها أجزأه ذلك عن التسمية لأن الشرط في الكتاب العزيز و السنة ذكر اسم الله تعالى مطلقا عن العربية و الفارسية و هذا ظاهر على أصل أبي حنيفة C في اعتباره المعنى دون اللفظ في تكبيرة الافتتاح فيستوي في الذبح التكبيرة العربية و العجمية من طريق الأولى فأما على أصلهما فهما يحتاجان إلى الفرق بين التكبير و التسمية حيث قالا في التسمية إنها جائزة بالعجمية سواء كان يحسن العربية أو لا يحسن و في التكبير لا يجوز بالعجمية إلا إذا كان لا يحسن العربية لأن المشروط ههنا ذكر اسم الله تعالى و أنه يوجد بكل لسان و الشرط هناك لفظة التكبير لقوله عليه الصلاة و السلام لا تقبل صلاة امرئ حتى يضع الطهور مواضعه و يستقبل القبلة و يقول : الله أكبر نفى عليه الصلاة و السلام القبول بدون لفظ التكبير و لا يوجد ذلك بغير لفظ العربية .
و أما شرائط الركن : .
فمنها : أن تكون التسمية من الذابح حتى لو سمى غيره و الذابح ساكت و هو ذاكر غير ناس لا يحل لأن المراد من قوله تبارك و تعالى : { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه } أي لم يذكر اسم الله عليه من الذابح فكانت مشروطة فيه .
و منها : أن يريد بها التسمية على الذبيحة فإن من أراد بها التسمية لافتتاح العمل لا يحل لأن الله سبحانه و تعالى أمر بذكر اسم الله تعالى عليه في الآيات الكريمة و لا يكون ذكر اسم الله عليه إلا و أن يراد بها التسمية على الذبيحة .
و على هذا إذا قال الحمد لله و لم يرد به الحمد على سبيل الشكر لا يحل و كذا لو سبح أو هلل أو كبر و لم يرد به التسمية على الذبيحة و إنما أراد به وصفه بالوحدانية و التنزه عن صفات الحدوث لا غير لا يحل لما قلنا .
و منها : تجريد اسم الله سبحانه و تعالى عن اسم غيره و إن كان اسم النبي صلى الله عليه و سلم حتى لو قال بسم الله و اسم الرسول لا يحل لقوله تعالى : { وما أهل لغير الله به } .
و قول النبي صلى الله عليه و سلم : [ موطنان لا أذكر فيهما عند العطاس و عند الذبح ] و قول عبد الله بن مسعود Bهما جردوا التسمية عند الذبح و لأن المشركين يذكرون مع الله سبحانه و تعالى غيره فتجب مخالفتهم بالتجريد و لو قال : بسم الله و محمد رسول الله فإنه قال : و محمد بالجر لا يحل لأنه أشرك في اسم الله عز شأنه اسم غيره و إن قال : محمد بالرفع يحل لأنه لم يعطفه بل استأنف فلم يوجد الإشراك إلا انه يكره لوجود الوصل من حيث الصورة فيتصور بصورة الحرام فيكره .
و إن قال : و محمدا بالنصب اختلف المشايخ فيه قال بعضهم : يحل لأنه ما عطف بل استأنف إلا أنه أخطأ في الإعراب و قال بعضهم : لا يحل لأن انتصابه بنزع الحرف الخافض كأنه قال : و محمد فيتحقق الإشراك فلا يحل و هذا إذا ذكر الواو فإن لم يذكر بأن قال بسم الله محمد رسول الله فإنه يحل كيفما كان لعدم الشركة .
و منها : أن يقصد بذكر اسم الله تعالى تعظيمه على الخلوص و لا يشوبه معنى الدعاء حتى لو قال : اللهم اغفر لي لم يكن ذلك تسمية لأنه دعاء و الدعاء لا يقصد به التعظيم المحض فلا يكون تسمية كما لا يكون تكبيرا و في قوله : اللهم اختلف المشايخ كما في التكبير .
أما وقت التسمية : فوقتها في الذكاة الاختيارية وقت الذبح لا يجوز تقديمها عليه إلا بزمان قليل لا يمكن التحرز عنه لقوله تبارك و تعالى : { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه } و الذبح مضمر فيه معناه و لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله تعالى عليه من الذبائح و لا يتحقق ذكر اسم الله تعالى على الذبيحة إلا وقت الذبح و كذا قيل في تأويل الآيتين الأخريين أن الذبح مضمر فيهما أي فكلوا مما ذبح بذكر اسم الله عليه و ما لكم ألا تأكلوا مما ذبح بذكر اسم الله تعالى عليه فكان وقت التسمية الاختيارية وقت الذبح