باب سجودالتلاوة .
قوله : وينبغي ذلك للإمام أن يجعلها في ركوع الصلاة إن كانت سرية أو في سجودها إن كانت جهرية أي ولا يجعل لها ركوعا أو سجودا مستقلا خوف الفساد من غيره ولو أخر ذلك بعد قوله وسجودها وإن لم ينوه لكان أولى وفي الدر ولو نواها في ركوعه ولم ينوها المؤتم لم يجزه ويسجد إذا سلم مع الإمام ويعيد القعدة ولو تركها فسدت صلاته كذا في القنية وينبغي حمله على الجهرية اه انظر هل الانبغاء للوجوب قوله : حتى لا يؤدي إلى التخليط أي على القوم إذا سجد لها سجودا مستقلا قوله : وإن لم ينوها لإحراز نيه الصلاة لها لأن من نوى الصلاة نوى قراءتها وهي من اتباع القراءة واعلم أن في اشتراط النيه وعدمه في كل من الركوع والسجود اختلافا فمن لم يشترط قال : ينوب كل من الركوع والسجود عن سجدة التلاوة مطلقا لأن الحاجة إلى تحصيل التعظيم في هذه الحالة وقد وجد نوى أو لم ينو كالفرض ينوب عن تحية المسجد وإن لم ينو ومن اشترط قال : لاختلاف سبب الوجوب فكان يعني سجدة التلاوة وكلا من ركوع الصلاة وسجودها جنسين مختلفين فلا بد في إقامة غير الجنس عن الجنس من النية ومن شرطها في الركوع دون السجود قال : هو بالسجود مؤد للواجب بصورته ومعناه فلا يحتاج إلى النية وأما بالركوع فمؤد له بمعناه فقط فيحتاج إلى النية هذا ما يفيده كلام البدائع وغيرها وهناك أقوال أخرى حكاها العلامة الشمني وقد علمت الراجح وهو ما في المصنف قوله : إذا لم ينقطع مرتبط بالركوع والسجود جميعا قوله : بأن يقرأ أكثر من آيتين اعلم أن الفور لا ينقطع بآية بعد آيتها أو آيتين اتفاقا وينقطع بأربع اتفاقا واختلف في الثلاث فقيل : ينقطع واختاره خواهر زاده وقيل : لا واختاره الحلواني وهو أصح من جهة الرواية كما في الحلبي والأول أصح من جهة الدراية لأنه أحوط كما ذكره المؤلف وفي البدائع وأكثر مشايخنا لم يقدروا في ذلك تقديرا فكان الظاهر أنهم يفرضون ذلك إلى رأي المجتهد كما فعلوا ذلك في كثير من المواضع وهو الأوجه أو يعتبر ما يعد طويلا اهـ قوله : تنبيه مهم الخ الأولى ما فعله السيد من حذفه لأن المؤلف وضع للمبتدي وهذا لا يليق به بل محل إيضاحه باب القياس من كتب الصول قوله : إذا انقطع فور التلاوة أي بتلاوة أربع آيات بعد آيتها اتفاقا وبالثلاث على الخلاف أو بما يعد طويلا قوله : فيأتي لها بسجود أو ركوع خاص لفوات المحل والدين يقضي بما له لا بما عليه والركوع والسجود عليه فلا يتأدى بهما الدين بخلاف ما لم تصر دينا كما لو ركع أو سجد فور التلاوة لأن الحاجة هو التعظيم عند تلك التلاوة وقد وجد في ضمنها فيكفي كداخل المسجد إذا صلى الفرض كفاه عن تحية المسجد لحصول تعظيم المسجد أفاده في الشرح قوله : فإن قلت الخ اختلف في محل القياس والاستحسان فذكر العامة أنه في إقامة الركوع مقام السجدة في الصلاة فقط وقال بعضهم في إقامته عنها مطلقا وقد علمت الخلاف في ذلك قوله : هو القياس وجه القياس أن المقصود من السجود تعظيم الله تعالى أما اقتداء بمن عظمه وهم أولياؤه تعالى أو مخالفة لمن استكبر وهم أعداؤه تعالى وذلك يحصل بالركوع كما يحصل بالسجود فهما في التعظيم جنس واحد قوله : والاستحسان عدمه أي عدم تأديتها في ضمنه لأن الواجب هو التعظيم بصفة مخصوصة فلا يقوم غيره مقامه قوله : والقياس هنا أي في هذه المسئلة مقدم على الاستحسان قال محمد : وبالقياس نأخذ وإن كان الأصل هو العمل بالاستحسان لأن القياس ترجح بما روى عن ابن مسعود وابن عمر أنهما أجاز أن يركع عن السجود في الصلاة ولم يره عن غيرهما خلافه فكان كالإجماع فقدم على الاستحسان لوجود المرجح اهـ قوله : فأسعفني بعين مهملة ثم فاء ومعناه قضاء الحاجة أي اقض حاجتي كما أفاده في القاموس فقوله بكشف هذا المقام يحتمل أن الباء للتصوير برأي اقض الحاجة التي هي كشف هذا المقام ويحتمل أن الحاجة التفهيم فتكون الباء للسببية والمراد بيان أنه لأي شيء قدم القياس هنا على الاستحسان وسيأتي في الجواب أنه إنما قدم لقوة دليله وما وقع في النسخ من غير هذه المادة فهو تحريف قوله : من المعاني أي العلل قوله : التي يناط أي يعلق بها الأحكام سواء كان الاستحسان بالنص أو بالضرورة أو بالقياس قوله : متبادرا جليا يدرك بأدنى تأمل قوله : من هذا أي المراد قوله : لا يقابل بالقياس المحدود في الأصول اعلم أن القياس في اللغة التقدير يقال : قست النعل بالنعل أي قدرتها بها وفي الشرع كما في المنار تقدير الفرع بالأصل في العلة والحكم واختار المحقق في التحرير أنه مساواة محل لآخر في علة حكم شرعي له لا تدرك من نصه بمجرد فهم اللغة فلا يقاس في اللغة وعرفه أبو منصور الماتريدي أنه إبانة مثل حكم أحد المذكورين بمثل علته في الآخر والإستحسان في اللغة عد الشيء حسنا وفي التلويح قد استقرت الآراء على أنه اسم لدليل متفق عليه نصا كان أو إجماعا أو قياسا خفيا إذا وقع في مقابلة قياس نسبق إليه الافهام حتى لا يطلق على نفس الدليل من غير مقابلة فهو حجة عند الجميع من غير تصور خلاف ثم إنه غلب في اصطلاح الأصول على القياس الخفي خاصة كما غلب اسم القياس على القياس الجلي تمييزا بين القياسين وأما في الفروع فإطلاق الاستحسان على النص والإجماع عند وقوعهما في مقابلة القياس الجلي شائع اهـ من شرح الشيخ زين على المنار قوله : بل هو أي الاستحسان قوله : فقد يكون في مقام التعليل للأعمية قوله : بالنص كالسلم فإن القياس يأبى جوازه لعدم المعقود عليه عند العقد إلا أنا تركناه بالنص إلا أنا تركناه بالنص من أسلم فليسلم الخ وحديث نهى عن بيع ما ليس عند الإنسان ورخص في السلم اهـ من شرح المنار قوله : وقد يكون بالضرورة كتطهير الأواني والآبار والحياض فإن القياس يأبى تطهير هذه الأشياء بعد تنجسها لتعذر صب الماء على البئر للتطهير وكذا الماء الذي في الحوض والذي ينبع من البئر المتنجس بملاقاة النجس وتنجس الدلو بها أيضا فلا تزال تفور وهي نجسة وكذا الماء إذا لم يكن في أسفله ثقب لأن الماء النجس مجتمع في أصله فلا يحكم بطهارته اهـ من الشرح المذكور قوله : وقد يكون بالقياس كطهارة سؤر سباع الطير كالصقر والبازي فإن القياس الجلي أن سؤره نجس لما أنه من السباع وفي الاستحسان طاهر لأن السبع ليس بنجس العين بدليل جواز الانتفاع به شرعا وقد ثبتت نجاسته ضرورة تحريم لحمه فأثبتنا حكما بين حكمين وهو النجاسة المجاورة فثبتت صفة النجاسة في رطوبته ولعابه وسباع الطير تشرب بالمنقار على سبيل الأخذ ثم الابتلاع والعظم طاهر بذاته خال عن مجاورة النجس ألا ترى أن عظم الميتة طاهر فعظم الحي أولى فصار لهذا باطنا ينعدم ذلك الظاهر في مقابلته فسقط حكم الظاهر لعدمه لكنه مكروه لأنها لا تحترز عن الميتة فكانت كالدجاجة المخلاة اهـ من الشرح المذكور وسكت المؤلف عما استحسن بالإجماع وهو ما فيه تعامل الناس المسمى بالاستصناع كخرز الخف والقياس يأباه لأنه بيع معدوم قوله : إذا كان قياس آخر متبادر كسؤر سباع البهائم فإن القياس الجلي فيه النجاسة كما تقدم وكان عنا تامة قوله : وذلك خفي أي الاستحسان الذي بالقياس قوله : وهو القياس الصحيح أي القياس الخفي المعبر عنه بالاستحسان قوله : فيسمى الخفي أي القياس الخفي الصحيح قوله : إلى ذلك المتبادر أي القياس الجلي الظاهر كالنجاسة في سؤر سباع الطير مثلا قوله : في بعض الصور منها سؤر سباع الطير قوله : وهو القياس الصحيح وهو القياس الخفي وهو طهارة سؤرها قوله : مقابلة أي مقابل الصحيح وهو القياس الجلي قوله : باعتبار الشبه أي شبهه للقياس في الظهور وإلا فهو فاسد خارج عن الأقيسة الصحيحة قوله : وبسبب كون القياس متعلق بظن قوله : المقابل بالجر صفة القياس وقوله ما ظهر هو الخبر ولو قال المصنف وبسبب كون القياس هو الظاهر والاستحسان ما قابله ظن الخ لكان أوضح قوله : بالنسبة إلى الاستحسان يعني أن الاستحسان هو القياس الخفي الذي يقابل الظاهر فلا يكون القياس مقابلا للظاهر إلا إذا أريد به الاستحسان وأما القياس بالنسبة إلى ما غلب عليه عند الأصوليين فهو الجلي قوله : ظن محمد بن سلمة الخ يعني أنه حكم بتقديم القياس على الاستحسان والقياس الظاهر هنا صحة إقامة السجدة الصلبية مقام التلاوية والاستحسان عدم الصحة لأن الصلبية قائمة مقام نفسها فلا تقوم مقام غيرها وجعل تأديتها بالركوع استحسانا والقياس يأباه لأنه جعل القياس هو الظاهر ومقابله هو الاستحسان ولو نظر لما قاله من قوله قلنا الخ لجعل تأديتها بالركوع قياسا لا استحسانا قوله : فكان القياس أي الظاهر وقوله أن تقوم خبر كان قوله : وفي الاستحسان الأولى حذف في قوله : بل الركوع أي والقياس هنا مقدم فلا يقوم عنده ويدل على ذلك قوله بعد لكن العامة الخ قوله : لأن سقوط الخ علة لقوله : فكان القياس على قوله قوله : وفي الاستحسان لا يجوز أعاده ليعلل قوله : هنا أي في تأدية التلاوية بالصلبية قوله : فإن القياس بأبي الجواز لأنه تأدية الواجب بغير صورته قوله : فكان أي تأديتها بالركوع قوله : حينئذ أي حين إذ كان الإستحسان يجوزه والقياس يمنعه أي وقد ذكروا أن القياس هنا مقدم على الإستحسان وذلك يقتضي عدم صحة تأديتها بالركوع وذلك بسبب ظنه أن القياس هو الظاهر وأن الإستحسان ما قابله ولو نظر إلى ما سيأتي لجعله قياسا فيكون مقدما على الاستحسان قوله : لأن كل ذلك صلاة أي من أفعالها قوله : فينبغي له أن يسجد لأن فيه أداء الواجب بصورته ومعناه قوله : أما اقتداء بمن عظم وهم الأنبياء قوله : وأما مخالفة لمن استكبر وهم الكفار قوله : حتى طالت القراءة على ثلاث أيات وقد علمت الخلاف في الطول قوله : وذلك أي الدليل القوي قوله : ولم يرو عن غيرهما خلافه فكان إجماعا قوله : فلذا قدم القياس أي لقوة دليله وهذا هو روح الجواب فحاصله أنه إنما قدم لقوة دليله قوله : للخفي أي الذي هو الإستحسان قوله : من المعاني أي العلل قوله : غير أن استقراءهم أي تتبعهم الجزئيات التي اجتمع فيها الخفي والظاهر قوله : فلذا أي لا يجاب استقرائهم قلة قوة الظاهر قوله : في بضعة عشر موضعا تعرف في الأصول منها هذا وهو تأدية سجود التلاوة بالركوع إذا كانت صلاتية ومنها إذا قال : إن ولدت ولدا فأنت طالق وقالت قد ولدت وكذبها الزوج في القياس أن لا تصدق ولا يقع عليه الطلاق وأخذوا فيها بالقياس ومنها رجلان في أيديهما دار أقام كل منهما بينة أن فلانا آخر رهنها عنده وأقبضها إياه لا تكون رهنا لواحد منهما في القياس وبه نأخذ والإستحسان يكون منهما نصفها رهنا بنصف الدين ومنها لو قال الطالب : أسلمت إليك في ثوب هروي طوله ستة أذرع في ثلاثة أدرع وقال المطلوب طوله خمسة أذرع في ثلاثة تحالفا قياسا وبه نأخذ وفي الإستحسان القول للمطلوب ومنها لو شهد أربعة على رجل بالزنا وشهد عليه رجلان بالاحصان وأمر القاضي برجمه ثم وجد الإمام شاهدي الإحصان عبدين أو رجعا عن الشهادة ولم يمت المرجوم بعد إلا أنه أصاب جرحات القياس في هذا أن يقام عليه حد الزنا مائة جلدة وهو قولهما لأن ما حصل من بعد الرجم لم يكن على وجه الحكم بسبب ظهورهم عبيدا فكان كالعدم وفي الاستحسان يدرأ عنه الحد ومنها لو شهدوا على رجل بالزنا فقضى القاضي بجلده مائة ثم شهد شاهدان أنه محصن ولم يكمل الجلد فالقياس في هذا الرجم وفي الإستحسان لا يرجم وبالقياس أخذ ومنها لو تزوج امرأة على غير مهر مسمى وأعطاها رهنا بمهرها ثم طلقها قبل الدخول لها المتعة ولو هلك الرهن عندها يذهب بالمتعة في قول محمد استحسانا والقياس أن لا يذهب بها وهو قول أبي يوسف وللمرأة مطالبة الزوج بالمتعة ومنها لو وكل الحربي المستأمن مثله بخصومة في دار الإسلام ثم الحق الموكل بدار الحرب وبقي الوكيل في دار الإسلام بطلت الوكالة في القياس وفي الإستحسان لا وبالقياس نأخذ ومنها رجل له ابن من أمة غيره بالنكاح فاشترى الأب هذه الأمة لابنه المعتوه القياس أن يقع الشراء للأب ولا يقع للمعتوه وفي الاستحسان يقع وبالقياس أخذ ومنها لو وقع رجل في بئر حفرت في طريق فتعلق بآخر وتعلق الآخر بآخر فوقعوا جميعا فماتوا فوجدوا في البئر بعضهم على بعض فإن حافر البئر يضمن دية الأول ويضمن الأول دية الثاني ويضمن الأول دية الثاني ويضمن الثاني دية الثالث فيكون ذلك على عواقلهم فهذا هو القياس وبه نأخذ وفيها قول آخر : هو الإستحسان وليس المقصود حصرها فيما ذكر قال فخر الإسلام : هذا قسم عز وجوده اه وقد أنهيت إلى اثنين وعشرين مسئلة فأما القسم الذي يرجح فيه الإستحسان على القياس فأكثر من أن يحصى اهـ من شرح المنار للعلامة زين ملخصا قواه : ولا حصر لمقابله وهو تقديم الإستحسان على القياس والإستحسان من الأدلة عندنا ومن نفاه لم يدر ما هو كما في التحرير قوله : وهو التلاوة الملزمة خرج غير الملزمة كتلاوة النائم على أحد قولين صونا لها عن الضياع لو تركها قوله : وللصلاة عن الزائد لو سجدها فيها وهو راجع لقوله سجد خارج الصلاة على سبيل النشر المرتب قوله : وأشار في بعض النسخ الخ ظاهره أن الضمير للمصنف وفيه أن الإشارة تؤخذ من قوله في المتن في الأظهر والذي في كبيره وقال العتابي : أشار في بعض النسخ إلى أنها تسقط عنه بالإقتداء في غير ركعتها لأن السماع بناء على التلاوة وقد وجدت في الصلاة فكانت السجدة صلوية فلم تؤد خارجها اهـ ولعل ضمير أشار في كلام العتابي إلى ما شرح عليه قوله : فيصير مؤديا لها حكما فمن أدرك الإمام في ركوع ثالثة الوتر فإنه يكون مدركا للقنوت قوله : فلا يسجدها أصلا أي مطلقا لا في الصلاة ولا خارجها وقد علل المؤلف للوجهين قوله لأن لها مزية أي مزية الصلاة فلا تتأدى بالسجود خارجها لأنه أنقص من السجود فيها قوله : لاثمه بتعمد تركها لأنها واجبة والواجب يأثم المكلف بتركه قوله : كالجمعة أي كترك الجمعة فإنه يأثم به إن كان تركها لأجل تفويته شرطا كأن أخرجها حتى خرج وقتها أما إذا تركها متهاونا فإنه يكفر كنا سيأتي قوله : فإذا فسدت به أي بغير الحيض والنفاس قوله : والحائض محترز قوله : بغير الحيض والنفاس