151 - ـ فصل : القناعة بالقليل .
رأيت عموم أرباب الأموال يستخدمون العلماء و يستذلونهم بشيء يسير يعطونهم من زكاة أموالهم فإن كان لأحدهم ختمة فلان ما حضر و إن مرض قال فلان ما تردد و كل منته عليه شيء نزر يجب تسليمه إلى مثله .
و قد رضي العلماء بالذل في ذلك لموضع الضرورة فرأيت أن هذا جهل من العلماء بما يجب عليهم من صيانة العلم و دواؤه من جهتين : .
إحداهما : القناعة باليسير كما قيل : من رضي بالخل و البقل لم يستعبده أحد .
الثاني : صرف بعض الزمان المصروف في خدمة العلم إلى كسب الدنيا فإنه يكون سببا لإعزاز العلم و ذلك أفضل من صرف جميع الزمان في طلب العلم مع احتمال هذا الذل .
و من تأمل ما تأملته و كانت له أنفة قدر قوته و احتفظ بما معه أو سعى في مكتسب يكفيه و من لم يأنف من مثل هذه الأشياء لم يحظ من العلم إلا بصورته دون معناه