187 - ـ فصل : في طريق الاستذكار .
ما رأيت أصعب على النفس من الحفظ للعلم و التكرار له .
و خصوصا تكرار ما ليس لها في تكراره و حفظه حظ مثل مسائل الفقه بخلاف الشعر و السجع فإن لها لذة في إعادة و إن كان يصعب لأنها تلتذ به مرة و مرتين .
فإذا زاد التكرار صعب عليها و لكن دون صعوبة الفقه و غيره من المستحسنات عند الطبع فتراها تخلد إلى الحديث و الشعر و التصانيف و النسخ لأنه يمر بها كل لحظة ما لم تره فهو في المعنى كالماء الجاري لأنه جزء بعد جزء .
كذا من ينسخ ما يحب أن يسمعه أو يصنف فإنه يلتذ بالجدة و يستريح من تعب الإعادة .
إلا أنه ينبغي للعاقل أن يكون جل زمانه للإعادة خصوصا الصبي و الشاب فإنه يستقر المحفوظ عندهما استقرار لا يزول .
و يجعل أوقات التعب من الإعادة للنسخ و يحذر من تفلتها إلى النسخ عند الإعادة فيقهرها فإنه يحمد ذلك حمد السرى وقت الصباح و سيندم من لم يحفظ ندم الكسعي وقت الحاجة إلى النظر و الفتوى .
و في الحظ نكته ينبغي أن تلحظ و هو أن الفقيه يحفظ الدرس و يعيده ثم يتركه فينساه فيحتاج إلى زمان آخر لحفظه فينبغي أن يحكم الحفظ و يكثر التكرار ليثبت قاعدة الحفظ