194 - ـ فصل : المؤمن هو من إذااشتد البلاء زاد إيمانا .
ليس المؤمن بالذي يؤدي فرائض العبارات صورة و يتجنب المحظورات فحسب .
إنما المؤمن هو الكامل الإيمان لا يختلج في قلبه اعتراض و لا يساكن نفسه فيما يجري و سوسة .
و كلما اشتد البلاء عليه زاد إيمانه وقوي تسليمه .
و قد يدعو فلا يرى للإجابة أثرا و سره لا يتغير لأنه يعلم أنه مملوك و له مالك يتصرف بمقتضى إرادته .
فإن اختلج في قلبه اعتراض خرج من مقام العبودية إلى مقام المناظرة كما جرى لإبليس .
و الإيمان القوي يبين أثره عند قوة البلاء .
فأما إذا رأينا مثل يحيى بن زكريا تسلط عليه فاجر فيأمر بذبحه فيذبح و ربما اختلج في الطبع أن يقول فهلا ردعنه من جعله نبيا ؟ .
و كذلك كل تسلط من الكفار على الأنبياء و المؤمنين و ما وقع رد عنهم فإن هجس بالكفر أن القدرة تعجز عن الرد عنهم كان كفرا .
و إن علم أن القدرة متمكنة من الرد و ما ردت و يجوع المؤمن و يشبع الكفار و يعافي العصاة و يمرض المتقين لم يبق إلا التسليم للمالك و إن أمض و أرمض .
و قد ذهب يوسف بن يعقوب عليهما السلام فبكى يعقوب ثمانين سنة ثم لم ييأس فلما ذهب ابنه الآخر قال : { عسى الله أن يأتيني بهم جميعا } .
و قد دعا موسى عليه السلام على فرعون فأجيب بعد أربعين سنة .
و كان يذبح الأنبياء و لا ترده القدرة القديمة العظيمة و صلب السحرة و قطع أيديهم .
و كم من بلية نزلت بمعظم القدر فلما زاده ذلك إلا تسليما و رضى فهناك يبين معنى قوله : { و رضوا عنه } .
و ههنا يظهر قدر قوة الإمان لا في ركعات .
قال الحسن البصري : [ استوى الناس في العافية فإذا نزل البلاء تباينوا ]