195 - ـ فصل : خطر علم الكلام على العامة .
أضر ما على العوام المتكلمون فإنهم يخلطون عقائدهم بما يسمعونه منهم .
من أقبح الأشياء أن يحضر العامي الذي لا يعرف أركان الصلاة و لا الربا في البيع مجلس الوعظ فلا ينهاه عن التواني في الصلاة و لا يعلمه الخلاص من الربا بل يقول له القرآن قائم بالذات و الذي عندنا مخلوق .
فيهون القرآن عند ذلك العامي فيحلف به على الكذب .
ويح المتكلم لو كان له فهم علم أن الله سبحانه و تعالى نصب أعلاما تأنس بها النفوس و تطأمن إليها الكعبة و سماها بيته و العرش و ذكر استواءه عليه و ذكر من صفاته اليد و السمع و البصر و العين و ينزل إلى السماء الدنيا و يضحك و كل هذا لتأنس بالعادات .
و قد جل عما تضمنته هذه الصفات من الجوراح .
و كذلك عظم أمر القرآن و نهى المحدث أن يمس المصحف فآل الأمر لقوم من المتكلمين إلى أن أجازوا الإستنجاء به .
فهؤلاء على معاندة الشريعة لأنهم يهينون ما عظم الشرع .
و هل الإيغال في الكلام مما يرقب إلى معرفة الحقائق التي لا يمكن خلافها ! هيهات لو كان كذلك ما وقع بين المتكلمين خلاف .
أوليس الشرب الأول ما تكلموا في شيء من هذا ! و إن كانوا تعرضوا ببعض الأصول .
ثم جاء فقهاء الأمصار فنهوا عن الخوض في الكلام لعلمهم ما يجلب و ما يجتنب .
و من لم يقنع بعقيدته مثل الصحابة و لا بطريق مثل طريق أحمد و الشافعي في ترك الخوض فلا كان من كان .
ثم بالله تأملوا أليس قد وجب علينا هجر الربا لقوله تعالى : { لا تأكلوا الربا } و هجر الزنا بقوله : { ولا تقربوا الزنى } .
فأي فائدة لنا في ذكر قراءة و مقروء و تلاوة و متلو و قديم و محدث ؟ .
فإن قيل : فلا بد من الاعتقاد .
قلنا : طريق السلف أوضح محجة لأن لا نقوله تقليدا بل بالدليل ولكن لم نستفده عن جوهر و عرض و جزء لا يتجزء .
بل بأدلة النقل مع مساعدة العقل من غير بحث عما لا يحتاج إليه و ليس هذا مكان الشرح