196 - ـ فصل : نفس المؤمن طائر تعلق في الجنة .
مازلت على عادة الخلق في الحزن على من يموت من الأهل و الأولاد و لا أتخايل إلا بلى الأبدان في القبور فأحزن لذلك فمرت بي أحاديث قد كانت تمر بي و لا أتفكر فيها .
منها قول النبي صلى الله عليه و سلم : [ إنما نفس المؤمن طائر تعلق في شجر الجنة حتى يرده الله D على جسده يوم يبعثون ] فرأبت أن الرحيل إلى الراحة و أن هذا البدن ليس بشيء لأنه مركب تفكك و فسد و سيبنى جديدا يوم البعث فلا ينبغي أن يتفكر في بلاء .
و لتسكن النفس إلى أن الأرواح انتقلت إلى راحة فلا يبقى كبير حزن و أن اللقاء للأحباب عن قرب .
و إنما يبقى الأسف لتلعق الخلق بالصور فلا يرى الإنسان إلا جسدا مستحسنا قد نقض فيحزن لنقضه .
و الجسد ليس هو الآدمي و إنما هو مركبه فالأرواح لا ينالها البلى و الأبدان ليست بشيء .
و اعتبر هذا بما إذا قلعت ضرسك و رميته في حفرة فهل عندك خبر مما يلقى في مدة حياتك ؟ .
فحكم الأبدان حكم ذلك الضرس لا تدري النفس ما يلقى و لا ينبغي أن تغتم بتمزيق جسد المحبوب و بلاه .
و اذكر تنعم الأرواح و قرب التجديد و عاجل اللقاء فإن الفكر في تحقيق هذا يهون الحزن و يسهل الأمر