206 - ـ فصل : لا تسوف في التوبة .
كل من يتلمح العواقب و لا يستعد لما يجوز وقوعه فليس بكامل العقل .
و اعتبر هذا في جميع الأحوال مثل أن يغتر بشبابه و يدوم على المعاصي و يسوف بالتوبة .
فربما أخذ بغته و لم يبلغ بعض ما أمل .
و كذلك إذا سوف بالعمل أو بحفظ العلم فإن الزمان ينقضي بالتسويف و يفوت المقصود .
و ربما عزم على فعل خيرا أو وقف شيء من ماله فسوف فبغت .
فالعاقل من أخذ بالحزم في تصوير ما يجوز وقوعه و عمل بمقتضى ذلك .
فإن امتد الأجل لم يضره و إن وقع المخوف كان محترزا .
و مما يتعلق بالدنيا أن يميل مع السلطان و يسيء إلى بعض حواشيه ثقة بقربه منه فربما تغير ذلك السلطان فارتفع عدوه فانتقم منه .
و قد يعادي بعض الأصدقاء و لا يبالي به لأنه دونه في الحالة الحاضرة .
فربما صعدت مرتبة ذلك فاستوفى ما أسفله إليه من القبيح و زاد .
فالعاقل من نظر فيما يجوز وقوعه و لم يعاد أحدا .
فإن كان بينهما ما يوجب المعاداة كتم ذلك فإن صح له أن يثب على عدوه فينتقم منه انتقاما يبيحه الشرع جاز على أن العفو أصلح في باب العيش .
و لهذا ينبغي أن يخدم البطال فإنه ربما عمل فعرف ذلك لمن خدم .
و قس على أنموذج ما ذكرته من جميع الأحوال