219 - ـ فصل : مسند الإمام أحمد و ما فيه من الأحاديث .
كان قد سألني بعض أصحاب الحديث : هل في مسند أحمد ما ليس بصحيح ؟ فقلت : نعم .
فعظم ذلك على جماعة ينسبون إلى المذهب فحملت أمرهم على أنهم عوام و أهملت فكر ذلك .
إذا بهم قد كتبوا فتاوي فكتب فيها جماعة من أهل خراسان منهم أو أبو العلاء الهمداني يعظمون هذا القول و يردونه و يقبحون قول من قاله .
فبقيت دهشا متعجبا و قلت في نفسي : و اعجبا صار المنتسبون إلى العلم عامة أيضا .
و ما ذاك إلا أنهم سمعوا الحديث و لم يبحثوا عن صحيحه و سقيمه و ظنوا أن من قال ما قلته قد تعرض للطعن فيما أخرجه أحمد .
و ليس كذلك فإن الإمام أحمد روى المشهور و الجيد و الرديء .
ثم هو قد رد كثيرا مما روى و لم يقل به و لم يجعله مذهبا له .
أليس هو القائل في حديث الوضوء بالنبيذ مجهول ! .
من نظر في كتاب العلل الذي صنفه أبو بكر الخلال رأى أحاديث كثيرة كلها في المسند و قد طعن فيها أحمد .
و نقلت من خط القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين الفراء في مسألته النبيذ قال : إنما روى أحمد في مسنده ما اشتهر و لم يقصد و لا السقيم .
و يدل على ذلك أن عبد الله قال : قلت لأبي : ما تقول في حديث ربعي بن حراش عن حذيفة ؟ قال : الذي يرويه عبد العزيز بن أبي داود ؟ قلت : نعم .
قال : الأحاديث بخلافه قلت : فقد ذكرته في المسند قال قصدت في المسند المشهور فلو أردت أن أقصد ما صح عندي لم أرد لهذا المسند إلا الشيء بعد الشيء اليسير .
و لكنك يا بني تعرف طريقتي في الحديث لست أخالف ما ضعف من الحديث إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه قال القاضي ـ و قد أخبر عن نفسه ـ كيف طريقه في المسند فمن جعله أصلا للصحة فقد خالفه و ترك مقصده .
قلت : قد غمني في هذا الزمان أن العلماء لتقصيرهم في العلم صاروا كالعامة و إذا مر بهم حديث موضوع قالوا : قد روي .
و البكاء ينبغي أن يكون على خساسة الهمم و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم