365 - ـ فصل : اللذات مشوبة بالمنغصات .
من تأمل الدنيا علم أنه ليس فيها لذة أصلا فإن وجدت لذة شيبت بالنغص التي تزيد على اللذة أضعافا .
فمن اللذات النساء فربما يثبت المستحسنة و ربما لم تحب الزوج فمتى علم ذلك يعزل عنها و ربما خانت و ذلك الهلاك .
فإن تمت المرادات فذكر الفراق زائد في التألم على الالذاذ .
و من اللذات الولد و مقاساة البنت إلى أن تتزوج و ما تلفى من زوجها وخوف عارها محن قبيحة .
و الابن إن مرض ذاب الفؤاد و إن خرج عن حد الصلاح زاد الأسف و إن كان عدوا فمراده هلاك الأب ثم إن تم المراد فذكر فراقه يذيب القلوب .
و لو أن فاسقا أحب بعض المردان انهتك عرضه في الدنيا وذهب دينه .
ثم لا يلبث أن تتغير حيلته فيصبر مبغوضا مع ما سبق الهتكة و الإثم .
و كم قد غلبت شهوة رجل وطىء الجواري السود فجاء الولد أسود فبقي عارا عليه .
و من هذا الجنس الالتذاذ بالمال و في تحصيله آثام و فراقه حسرة و ذهاب العمر فيه غبن .
و هذا أنموذج لما لم يذكر فينبغي لمن وفقه الله سبحانه أن يأخذ الضروري الذي يميل إلى سلامة الدين و البدن و العافية و يهجر الهوى الذي نغصه تتضاعف على لذته .
و من صبر على ما يكره قصد النفع في العافية إلتذ أضعافا كطالب العلم فإنه بتعب يسيرا و ينال خير الدارين مع سلامة العاقبة .
و لذة البطالة تعقب عدم العلم و العمل فيزيد الأسى على اللذة أضعافا .
فالله الله أن يغلبك هواك العاجل و متى هم الهوى بالتوبة فامنعه وزن عاجله بآجله و ما يتذكر إلا أولو الألباب