367 - ـ فصل : الوقت كالسيف .
رايت العادات قد غلبت الناس في تضييع الزمان و كان القدماء يحذرون من ذلك .
قال الفضيل : أعرف من يعد كلامه من الجمعة إلى الجمعة .
و دخلوا على رجل من السلف فقالوا : لعلنا شغلناك فقال : أصدقكم كنت أقرأ فتركت القراءة لأجلكم .
و جاء رجل من المتعبدين إلى سري السقطي فرأى عنده جماعة فقال : صرت مناخ البطالين ثم مضى و لم يجلس .
و متى لأن المزور طمع فيه الزائر فأطال الجلوس فلم يسلم من أذى .
و قد كان جماعة قعودا عند معروف فأطالوا فقال : إن ملك الشمس لا يفتر في سوقها أفما تريدون القيام ؟ .
و ممن كان يحفظ اللحظات عامر بن عبد قيس قال له رجل : قف أكلمك قال : فأمسك الشمس .
و قيل لكرز بن وبرة : لو خرجت إلى الصحراء فقال : يبطل الزوجار .
و كان داود الطائي يستف الفتيت و يقول : بين سف الفتيت و أكل الخبز قراءة خمسين آية .
و كان عثمان الباقلاني دائم الذكر لله تعالى فقال إني و قت الإفطار أحس بروحي كأنها تخرج لأجل اشتغالي بالكل عن الذكر و أوصى بعض السلف أصحابه فقال : إذا خرجتم من عندي فتفرقوا لعل أحدكم يقرأ القرآن في طريقه و متى إجتمعتم تحدثتم .
و أعلم أن الزمان أشرف من أن يضيع منه لحظة فإن في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال [ من قال سبحان الله العظيم و بحمده غرست له بها نخلة في الجنة ] .
فكم يضيع الآدمي من ساعات يفوته فيها الثواب الجزيل و هذه الأيام مثل المزرعة فكأنه قيل للإنسان كلما بذرت حبة خرجنا لك ألف كر فهل يجوز للعاقل أن يتوقف عن البذر و يتوانى ؟ .
و الذي يعين على إغتنام الزمان الإنغراد و العزلةمهما أمكن و الإختصار علىالسلام أو حاجة مهمة لمن يلقى .
و قلة الأكل فإن كثرته سبب النوم الطويل و ضاع الليل .
و من نظر في سير السلف و آمن بالجزاء بان له ما ذكرته