85 - ـ فصل : تب إلى الله ثم سله حوائجك .
رأيت من نفسي عجبا : تسأل الله D حاجاتها و تنسى جناياتها ؟ .
فقلت : يا نفس السوء أو مثلك ينطق ؟ .
فإن نطق فينبغي أن يكون السؤال فحسب .
فقالت : فممن أطلب مراداتي ؟ .
قلت : ما أمنعك من طلب المراد إنما أقول حققي و انطقى .
كما نقول في العاصي بسفره إذا اضطر إلى الميتة لا يجوز له أن يأكل فإن قيل لنا : أفيموت ! قلنا : لا بل يتوب و يأكل .
فالله الله من جراءة على طلب الأغراض مع نسيان ما تقدم من الذنوب التي توجب تنكيس الرأس و لئن تشاغلت بإصلاح ما مضى و الندم عليه جاءتك مراداتك .
كما روى : [ من شغله ذكرى عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين ] .
و قد كان بشر الحافي يبسط يديه للسؤال ثم يسلبهما و يقول : مثلي لا يسأل [ ما أبقت الذنوب لي وجها ] .
و هذا يختص ببشر لقوة معرفته كان وقت السؤال كالمخاطب كفاحا فإستحى للزلل .
فأما أهل الغفلة فسؤالهم على بعد فاقهم ما ذكرته و تشاغل بالتوبة من الزلل ثم العجب من سؤالاتك فإنك لا تكاد تسأل مهما من الدنيا بل فضول العيش .
و لا تسأل صلاح القلب و الذين مثل ما تسأل صلاح الدنيا .
فاعقل أمرك فإنك من الانبساط و الغفلة على شفا جرف .
و ليكن حزنك على زلاتك شاغلا لك عن مراداتك فقد كان الحسن البصري شديد الخوف فلما قيل له في ذلك قال : .
و ما يؤمنني أن يكون اطلع على بعض ذنوبي فقال اذهب لا غفرت لك