86 - ـ فصل : دعوى المعرفة مع العبد عن العرفان .
أعجب العجب دعوى المعرفة مع البعد عن العرفان .
بالله ما عرفه إلا من خاف منه فأما المطمئن فليس من أهل المعرفة .
و في المتزهدين أهل تغفيل يكاد أحدهم يوقن أنه ولي محبوب و مقبول .
و ربمات توالت [ عليه ] ألطاف ظنها كرامات و نسي الاستدراج الذي لفت مساكنته الألطاف .
و ربما احتقر غيره و ظن أن محلته محفوظة به تغره ركيعات ينتصب فيها أو عبادة ينصب بها .
و ربما ظن أنه قطب الأرض و أنه لا ينال مقامه بعده أحد .
و كأنه ما علم أنه نبينا موسى مكالم نبئ يوشع .
و بينا زكريا عليه السلام مجاب الدعوة نشر بالمنشار .
و بينا يحيى عليه السلام يوسف بأنه سيد سلط عليه كافر احتز رأسه .
و بينا بلعام معه الاسم الأعظم صار مثله كمثل الكلب .
و بينا الشريعة يعمل بها نسخت و بطل حكمها .
و بينا البدن معمور خرب و سلط البلى عليه .
و بينا العالم يدأب حتى ينال مرتبة يعتقدها نشأ طفل في زمانه ترقى إلى سبر عيوبه و غلطه .
كم من متكلم يقول : ما مثلي ! ! لو عاش فسمع ما حدث بعده من الفصاحة هد نفسه أخرسا .
هذا و عظ ابن السماك و ابن عمار و ابن سمعون لا يصلح لبعض تلامذتنا و لا يرضاه .
فكيف يعجب من ينفق شيئا و ربما أتى بعدنا من لا يعدنا ؟ .
فا الله الله من مساكنة مسكن و مخالفة مقام .
و ليكن المتيقظ على انزعاج محتقرا للكثير من طاعاته خائفا على نفسه من تقلباته و نفوذ الأقدار فيه .
و اعلم أن تلمح هذه الأشياء التي أشرت إليها يضرب عنق العجب و يذهب كبر الكبر