ذكر فضل هذه الأمة .
إخواني من كان من هذه الأمة فهو من خير الأمم عند الله عز و جل قال تعالى : { كنتم خير أمة أخرجت للناس } و قال النبي صلى الله عليه و سلم : [ أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها و أكرمها عل الله عز و جل لما كان هذا الرسول النبي الأمي خير الخلق و أفضلهم كانت أمته خير أمة و أفضلها فما يحسن بمن كان من خير الأمم و انتسب إلى متابعة خير الخلق و خصوصا من كان يسكن خير منازل المسلمين في آخر الزمان إلا أن يكون متصفا بصفات الخير مجتنبا لصفات الشر و قبيح به أن يرضى لنفسه أن يكون من شر الناس مع انتسابه إلى خير الأمم و متابعة خير الرسل قال الله تعالى : { إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات أولئك هم خير البرية } فخير الناس من آمن و عمل صالحا و قال تعالى : { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله } ] و قد روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ خير الناس من فقه في دين الله و وصل رحمه و أمر بالمعروف و نهى عن المنكر ] و في رواية : [ خير الناس أتقاهم للرب و أوصلهم للرحم و آمرهم بالمعروف و أنهاهم عن المنكر ] و قال : [ الناس معادن فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ] و قال : [ خير الناس من طال عمره و حسن عمله و شر الناس من طال عمره و ساء عمله ] و قال : [ خيركم من يرجى خيره و يؤمن شره و شركم من لا يرجى خيره و لا يؤمن شره ] و قال : [ ألا أخبركم بخياركم ؟ قالوا : بلى قال : الذين إذا رؤوا ذكر الله و قال : ألا أنبئكم بشراركم ؟ قالوا : بلى قال : المشاؤن بالنميمة المفرقون بين الأحبة الباغون للبرآء العيب ] و قال : [ شر الناس منزلة عند الله من تركه الناس اتقاء فحشه ] و قال : [ إن من شر الناس يوم القيامة منزلة عند الله ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه و هؤلاء بوجه ] و قال : [ إن من شر الناس عند الله منزلة من يقرأ كتاب الله ثم لا يرعوي إلى ما فيه ] و قال : [ من شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من أذهب آخرته بدنيا غيره ] .
أعمال الأمة تعرض على نبيها في البرزخ فليستح عبد أن يعرض على نبيه من عمله ما نهاه عنه لما وقف صلى الله عليه و سلم عام حجة الوداع قال : [ إني فرطكم على الحوض و أني مكاثر بكم الأمم فلا تسودوا وجهي ] يشير إلى أنه صلى الله عليه و سلم يستحي من سيئات أمته إذا عرضت عليه و قال : [ ليؤخذن برجال من أمتي ذات الشمال فأقول : يا رب أصحابي ! فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول : سحقا سحقا لمن بدل بعدي ] .
خير هذه الأمة أولها قرنا كما قال النبي صلى الله عليه و سلم : [ خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ] و قال : [ بعثت في خير قرون بني آدم قرنا فقرنا حتى كتبت من القرن الذي كنت منه ] .
كما قد جاء مدح أصحابه في كتابه تعالى : { محمد رسول الله و الذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم } و { لقد B المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة } و خص الصديق من بينهم بالصحبة بقوله : { إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا } لما جلى الرسول صلى الله عليه و سلم عروس الإسلام و أبرزها للبصائر من خدرها أخرج أبو بكر Bه ماله كله نثارا لهذا العروس فأخرج عمر النصف موافقة له فقام عثمان بوليمة العرس فجهز جيش العسرة فعلم علي Bه أن الدنيا ضرة هذه العروس و أنهما لا يجتمعان فبت طلاقها ثلاثا .
فالحمد لله الذي خصنا بهذه الرحمة و أسبغ علينا هذه النعمة و أعطانا ببركة نبينا هذه الفضائل الجمة فقال لنا : { كنتم خير أمة أخرجت للناس } من أين في الأمم مثل أبي بكر الصديق أو عمر الذي ما سلك طريقا إلا هرب الشيطان من ذلك الطريق أو عثمان الصابر على مر الضيق أو عليا بحر العلم العميق أو حمزة و العباس أفيهم مثل طلحة و الزبير القرنين أو مثل سعد و سعيد هيهات من أين أو مثل ابن عوف و أبي عبيدة و من مثل الإثنين إن شبهتهم بهم فقد أبعدتم القياس من أين في زهاد الأمم مثل أويس أو في عبادهم مثل عامر بن عبد قيس أو في خائفهم مثل عمر بن عبد العزيز هيهات ليس ضوء الشمس كالمقايس أو في علمائهم مثل أبي حنيفة و مالك و الشافعي السديد المالك كيف تمدحه و هو أجل من ذلك ما أحسن بنيانه و الأساس أثم أعلى من الحسن البصري و أنبل أو ابن سيرين الذي بالورع تقبل أو سفيان الثوري الذي بالخوف و العلم تسربل أو مثل أحمد الذي بذل نفسه لله و سبل تالله ما في الأمم مثل ابن حنبل إرفع صوتك بهذا و لا بأس : { كنتم خير أمة أخرجت للناس } .
( لاح شيب الرأس مني فنصح ... بعد لهو وشباب و مرح ) .
( إخوتي توبوا إلى الله بنا ... قد لهونا و جهلنا ما صلح ) .
( نحن في دار نرى الموت بها ... لم يدع فيها لذي اللب فرح ) .
( يا بني آدم صونوا دينكم ... ينبغي للدين أن لا يطرح ) .
( و احمدوا الله الذي أكرمكم ... بنبي قام فيكم فنصح ) .
( بنبي فتح الله به ... كل خير نلتموه و منح ) .
( مرسل لو يوزن الناس به ... في التقى و البر خفوا و رجح ) .
( فرسول الله أولى بالعلى ... و رسول الله أولى بالمدح )