وظائف شوال و فيه مجالس ـ المجلس الأول في صيام شوال كله و إتباع رمضان بصيام ستة أيام من شوال .
خرج مسلم [ من حديث أبي أيوب الأنصاري Bه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر ] ثم اختلف في هذا الحديث و في العمل به : فمنهم من صححه و منهم من قال : هو موقوف قاله : ابن عيينة و غيره و إليه يميل الإمام أحمد و منهم من تكلم في إسناده و أما العمل به فاستحب صيام ستة من شوال أكثر العلماء روي ذلك عن ابن عباس Bهما و طاوس و الشعبي و ميمون بن مهران و هو قول ابن المبارك و الشافعي و أحمد و اسحاق و أنكر ذلك آخرون و روي عن الحسن أنه كان إذا ذكر عنده صيام هذه الستة قال : لقد رضي الله بهذا الشهر لسنة كلها و لعله إنما أنكر على من اعتقد وجوب صيامها و أنه لا يكتفي بصيام رمضان عنها في الوجوب و ظاهر كلامه يدل على هذا و كرهها الثوري و أبو حنيفة و أبو يوسف و علل أصحابهما ذلك مشابهة أهل الكتاب يعنون في الزيادة في صيامه المفروض عليهم ما ليس منه و أكثر المتأخرين من مشايخهم قالوا : لا بأس به و عللوا أن الفطر قد حصل بفطر يوم العيد حكى ذلك صاحب الكافي منهم و كان مهدي يكرهها و لا ينهى عنها و كرهها أيضا مالك و ذكر في الموطأ : أنه لم ير أحدا من أهل العلم يفعل ذلك و قد قيل : إنه كان يصومها في نفسه و إنما كرهها على وجه يخشى منه أن يعتقد فريضتها لئلا يزاد في رمضان ما ليس منه .
و أما الذين استحبوا صيامها فاختلفوا في صيامها على ثلاثة أقوال : أحدها : أنه يستحب صيامها من أول الشهر متتابعة و هو قول الشافعي و ابن المبارك و قد روي [ في حديث أبي هريرة Bه مرفوعا : من صام ستة أيام بعد الفطر متتابعة فكأنما صام السنة ] خرجه الطبراني و غيره من طرق ضعيفة و روي مرفوعا و روي عن ابن عباس Bهما من قوله بمعناه بإسناد ضعيف أيضا و الثاني : إنه لا فرق بين أن يتابعها أو يفرقها من الشهر كله و هما سواء و هو قول وكيع و أحمد و الثالث : أنها لا تصام عقب يوم الفطر فإنها أيام أكل و شرب و لكن يصام ثلاثة أيام قبل أيام البيض و أيام البيض أو بعدها و هذا قول معمر و عبد الرزاق و روي عن عطاء حتى روي عنه أنه كره لمن عليه صيام من قضاء رمضان أن يصومه ثم يصله بصيام تطوع و أمر بالفطر بينهما و هو قول شاذ و أكثر العلماء على : أنه لا يكره صيام ثاني يوما لفطر و قد دل عليه [ حديث عمران بن حصين Bه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال لرجل : إذا أفطرت فصم ] و قد ذكرناه في صيام آخر شعبان و قد سرد طائفة من الصحابة و التابعين الصوم إلا يوم الفطر و الأضحى و قد روي عن أم سلمة أنها كانت تقول لأهلها من كان عليه رمضان فليصمه الغد من يوم الفطر فمن صام الغد من يوم الفطر فكأنما صام رمضان و في إسناده ضعف و عن الشعبي قال : لإن أصوم يوما بعد رمضان أحب إلي من أن أصوم الدهر كله و يروى بإسناد ضعيف [ عن أين عمر مرفوعا : من صام بعد الفطر يوما فكأنما صام السنة ] و بإسناده ضعف [ عن ابن عباس Bهما مرفوعا : الصائم بعد رمضان كالكار بعد الفار ] .
و أما صيام شوال كله : ففي حديث رجل من قريش سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول : [ من صام رمضان و شوالا و الأربعاء و الخميس دخل الجنة ] و خرجه الإمام أحمد و النسائي و خرج الإمام أحمد و أبو داود و النسائي و الترمذي [ من حديث مسلم القرشي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه سئل عن صيام الدهر ؟ فقال : إن لأهلك عليك حقا فصم رمضان و الذي يليه و كل أربعة و خميس فإذا أنت قد صمت الدهر و أفطرت ] و خرج ابن ماجه بإسناد منقطع أن أسامة بن زيد كان يصوم الأشهر الحرم فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم [ صم شوالا ] فترك الأشهر الحرم لم يزل يصوم شوالا حتى مات و خرجه أبو يعلى الموصلي بإسناد متصل عن أسامة قال كنت أصوم شهرا من السنة فقال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم [ أين أنت من شوال ] فكان أسامة إذا أفطر أصبح الغد صائما من شوال حتى يأتي على آخره و صيام شوال كصيام شعبان لأن كلا الشهرين حريم لشهر رمضان و هما يليانه و قد ذكرنا في فضل صيام شعبان أن الأظهر أن صيامهما أفضل من صيام الأشهر الحرم و الإختلاف في ذلك و إنما كان صيام رمضان و اتباعه بست من شوال يعدل صيام الدهر لأن الحسنة بعشر أمثالها و قد جاء ذلك مفسرا [ من حديث ثوبان Bه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : صيام رمضان بعشرة أشهر و صيام ستة أيام بشهرين فذلك صيام سنة ] يعني رمضان و ستة أيام من شوال بعده خرجه الإمام أحمد و النسائي و هذا لفظه و ابن حبان في صحيحه و صححه أبو حاتم الرازي و قال الإمام أحمد : ليس في حديث الرازي أصح منه و توقف فيه في رواية أخرى و لا فرق في ذلك بين أن يكون شهر رمضان ثلاثين أو تسعا و عشرين و على هذا حمل بعضهم قول النبي صلى الله عليه و سلم [ شهرا عيد لا ينقصان رمضان و ذو الحجة ] و قال : المراد كمال آخره سواء كان ثلاثين أو تسعا و عشرين و أنه اتبع بستة أيام من شوال فإنه يعدل صيام الدهر على كل حال و كره إسحاق ابن راهويه أن يقال لشهر رمضان : أنه ناقص و إن كان تسعا و عشرين لهذا المعنى فإن قال قائل : فلو صام هذه الستة أيام من غير شوال يحصل له هذا الفضل ؟ فكيف خص صيامها من شوال ؟ قيل : صيامها من شوال يلتحق بصيام رمضان في الفضل فيكون له أجر صيام الدهر فرضا ذكر ذلك ابن المبارك و ذكر : أنه في بعض الحديث حكاه الترمذي في جامعه و لعله أشار إلى ما روي عن أم سلمة Bها : أن من صام الغد من يوم الفطر فكأنما صام رمضان .
و في معاودة الصيام بعد رمضان فوائد عديدة : منها : أن صيام ستة أيام من شوال بعد رمضان يستكمل بها أجر صيام الدهر كله كما سبق و منها : أن صيام شوال و شعبان كصلاة السنن الرواتب قبل الصلاة المفروضة و بعدها فيكمل بذلك ما حصل في الفرض من خلل و نقص فإن الفرائض تجبر أو تكمل بالنوافل يوم القيامة كما ورد ذلك عن النبي صلى الله عليه و سلم من وجوه متعددة و أكثر الناس في صيامه للفرض نقص و خلل فيحتاج إلى ما يجبره و يكمله من الأعمال و لهذا نهى النبي صلى الله عليه و سلم : [ أن يقول الرجل صمت رمضان كله أو قمته كله ] قال الصحابي فلا أدري أكره التزكية أم لا بد من الغفلة و كان عمر بن عبد العزيز C يقول : من لم يجد ما يتصدق به فليصم يعني من لم يجد ما يخرجه صدقة الفطر في آخر رمضان فليصم بعد الفطر فإن الصيام يقوم مقام الإطعام في التكفير للسيئات كما يقوم مقامه في كفارات الإيمان و غيرها من الكفارات في مثل كفارات القتل و الوطء في رمضان و الظهار و منها : أن معاودة الصيام بعد صيام رمضان علامة على قبول صوم رمضان فإن الله إذا تقبل عمل عبد وفقه لعمل صالح بعده كما قال بعضهم : ثواب الحسنة الحسنة بعدها فمن عمل حسنة ثم اتبعها بعد بحسنة كان ذلك علامة على قبول الحسنة الأولى كما أن من عمل حسنة ثم اتبعها بسيئة كان ذلك علامة رد الحسنة و عدم قبولها و منها : أن صيام رمضان يوجب مغفرة ما تقدم من الذنوب كما سبق ذكره و أن الصائمين لرمضان يوفون أجورهم في يوم الفطر و هو يوم الجوائز فيكون معاودة الصيام بعد الفطر شكرا لهذه النعمة فلا نعمة أعظم من مغفرة الذنوب [ كان النبي صلى الله عليه و سلم يقوم حتى تتورم قدماه فيقال له : أتفعل هذا و قد غفر الله لك ماتقدم من ذنبك و ما تأخر ؟ فيقول : أفلا أكون عبدا شكورا ] و قد أمر الله سبحانه و تعالى عباده بشكر نعمة صيام رمضان بإظهار ذكره و غير ذلك من أنواع شكره فقال : { و لتكملوا العدة و لتكبروا الله على ما هداكم و لعلكم تشكرون } فمن جملة شكر العبد لربه على توقيفه لصيام رمضان و إعانته عليه و مغفرة ذنوبه أن يصوم له شكرا عقب ذلك كان بعض السلف إذا وفق لقيام ليلة من الليالي أصبح في نهاره صائما و يجعل صيامه شكرا للتوفيق للقيام و كان وهب بن الورد يسئل عن ثواب شيء من الأعمال كالطواف و نحوه ؟ فيقول : لا تسألوا عن ثوابه و لكن اسألوا ما الذي على من وفق لهذا العمل من الشكر للتوفيق و الإعانة عليه .
( إذا أنت لم تزدد على كل نعمة ... لموليكها شكرا فلست بشاكر ) .
على كل نعمة على العبد من الله في دين أو دنيا يحتاج إلى شكر عليها ثم للتوفيق للشكر عليها نعمة أخرى تحتاج إلى شكر ثان ثم التوفيق للشكر الثاني نعمة أخرى يحتاج إلى شكر أخر و هكذا أبدا فلا يقدر العبد غلى القيام بشكر النعم و حقيقة الشكر الإعتراف بالعجز عن الشكر كما قيل : .
( إذا كان شكري نعمة الله نعمة ... علي له في مثلها يجب الشكر ) .
( فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله ... و إن طالت الأيام و اتصل العمر ) .
قال أبو عمر الشيباني : قال موسى عليه السلام يوم الطور : يا رب إن أنا صليت فمن قبلك و إن أنا تصدقت فمن قبلك و إن بلغت رسالاتك فمن قبلك فكيف أشكرك ؟ قال : يا موسى الآن شكرتني فأما مقابلة نعمة التوفيق كصيام شهر رمضان بارتكاب المعاصي بعده فهو من فعل من بدل نعمة الله كفرا فإن كان قد عزم في صيامه على معاودة المعاصي بعد انقضاء الصيام فصيامه عليه مردود و باب الرحمة في وجهه مسدود قال كعب : من صام رمضان و هو يحدث نفسه إذا أفطر من رمضان لم يعص الله دخل الجنة بغير مسألة و لا حساب و من صام رمضان و هو يحدث نفسه إذا أفطر عصى ربه فصيامه عليه مردود و منها أن الأعمال التي كان العبد يتقرب بها إلى ربه في شهر رمضان لا تنقطع بانقضاء رمضان بل هي باقية بعد انقضائه ما دام العبد حيا و هذا معنى الحديث المتقدم : أن الصائم بعد رمضان كالكار بعد الفار يعني كالذي يفر من القتال في سبيل الله ثم يعود إليه و ذلك لأن كثيرا من الناس يفرح بانقضاء شهر رمضان لاستثقال الصيام و ملله و طوله عليه و من كان كذلك فلا يكاد يعود إلى الصيام سريعا فالعائد إلى الصيام بعد فطره يوم الفطر يدل عوده على رغبته في الصيام و أنه لم يمله و لم يستثقله و لا تكره به و في حديث خرجه الترمذي مرفوعا : [ أحب الأعمال إلى الله الحال المرتحل ] و فسر بصاحب القرآن يضرب من أوله إلى آخره و من آخره إلى أوله كلما حل ارتحل و العائد إلى الصيام سريعا بعد فراغ صيامه شبيه بقارىء القرآن إذا فرغ من قراءته ثم عاد في المعنى و الله أعلم و قيل لبشر : إن قوما يتعبدون و يجتهدون في رمضان فقال : بئس القوم لا يعرفون لله حقا إلا في شهر رمضان إن الصالح الذي يتعبد و يجتهد السنة كلها سئل الشبلي : أيما أفضل رجب أم شعبان ؟ فقال : كن ربانيا و لا تكن شعبانيا كان النبي صلى الله عليه و سلم عمله ديمة و سئلت عائشة Bها : هل كان يخص يوما من الأيام ؟ فقالت : لا كان عمله ديمة و قالت : كان النبي صلى الله عليه و سلم لا يزيد في رمضان و لا غيره على إحدى عشرة ركعة و قد كان النبي صلى الله عليه و سلم يقضي ما فاته من أوراده في رمضان في شوال فترك في عام اعتكاف العشر الأواخر من رمضان ثم قضاه في شوال فاعتكف العشر الأول منه و سأل رجل أهل صام من شهر شعبان في شوال و قد تقدم عن أم سلمة أنها كانت تأمر أهلها من كان عليه قضاء من شهر رمضان فليبدأ أن يقضيه الغد من يوم الفطر فمن كان عليه قضاء من شهر رمضان فليبدأ بقضائه في شوال فإنه أسرع لبراءة ذمته و هو أولى من التطوع بصيام ستة من شوال فإن العلماء اختلفوا فيمن عليه صيام مفروض هل يجوز أن يتطوع قبله أو لا و على قول من جوز التطوع قبل القضاء فلا يحصل مقصود صيام ستة أيام من شوال إلا لمن أكمل صيام رمضان ثم أتبعه بست من شوال فمن كان عليه قضاء من رمضان ثم بدأ بصيام ست من شوال حيث لم يكمل عدة رمضان لم يحصل له ثواب من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كما لا يحصل لمن أفطر رمضان لعذر بصيام ستة من شوال آخر صيام السنة بغير إشكال و من بدأ بالقضاء في شوال ثم أراد أن يتبع ذلك بصيام ستة من شوال بعد تكمله قضاء رمضان كان حسنا لأنه يصير حينئذ قد صام رمضان و أتبعه بست من شوال و لا يحصل له فضل صيام ست من شوال بصوم قضاء رمضان لأن صيام الست من شوال إنما تكون بعد إكمال عدة رمضان عمل المؤمن لا ينقضي حتى يأتيه أجله قال الحسن : إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلا دون الموت ثم قرأ : { و اعبد ربك حتى يأتيك اليقين } هذه الشهور و الأعوام و الليالي و الأيام كلها مقادير الآجال و مواقيت الأعمال ثم تنقضي سريعا و تمضي جميعا و الذي أوجدها و ابتدعها و خصها بالفضائل و أودعها باق لا يزول و دائم لا يحول هو في جميع الأوقات إله واحد و لأعمال عباده رقيب مشاهد فسبحان من قلب عباده في اختلاف الأوقات بين وظائف الخدم يسبغ عليهم فيها فواضل النعم و يعاملهم بنهاية الجود و الكرم لما انقضت الأشهر الحرم الثلاثة الكرام التي أولها الشهر الحرام و آخر شهر الصيام أقبلت الأشهر الثلاثة أشهر الحج إلى بيت الله الحرام فكما أن من صام رمضان و قامه غفر له ما تقدم من ذنبه فمن حج البيت و لم يرفث و لم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه فما يمضي من عمر المؤمن ساعة من الساعات إلا و الله فيها عليه وظيفة من وظائف الطاعات فالمؤمن يتقلب بين هذه الوظائف و يتقرب بها إلى مولاه و هو راج خائف المحب لا يمل من التقرب بالنوافل إلى مولاه و لا يأمل إلا قربه و رضاه .
( ما للمحب سوى إرادة حبه ... إن المحب بكل أمر يضرع ) .
كل وقت يخيله العبد من طاعة مولاه فقد خسره و كل ساعة يغفل فيها عن ذكر الله تكون عليه يوم القيامة ترة فوا أسفاه على زمان ضاع في غير طاعته و واحسرتاه على قلب بات في غير خدمته .
( من فاته أن يراك يوما ... فكل أوقاته فوات ) .
( و حيثما كنت من بلاد ... فلى إلى وجهك التفات ) .
( إليكم هجرتي و قصدي ... و أنتم الموت و الحياة ) .
( أمنت أن توحشوا فؤادي ... فآنسوا مقتلي و لات ) .
من عمل طاعة من الطاعات و فرغ منها فعلامة قبولها أن يصلها بطاعة أخرى و علامة ردها أن يعقب تلك الطاعة بمعصية ما أحسن الحسنة بعد السيئة تمحوها و أحسن منها بعد الحسنة تتلوها و ما أقبح السيئة بعد الحسنة تمحقها و تعفوها ذنب واحد بعد التوبة أقبح من سبعين ذنبا قبلها النكسة أصعب من الضعفة و ربما أهلكت سلوا الله الثبات على الطاعات إلى الممات و تعوذوا به من تقلب لقلوب و من الحور بعد الكور و ما أوحش ذل المعصية بعد عز الطاعة و أوحش منه فقر الطمع بعد غنى القناعة ارحموا عزيز قوم بالمعاصي ذل و غني قوم بالذنوب افتقر .
( ترى الحي الأولى بانوا ... على العهد كما كانوا ) .
( أم الدهر بهم خانوا ... و دهر المرء خوان ) .
( إذا عز بغير الله يو ... ما شر هانوا ) .
يا شبان التوبة لاترجعوا إلى ارتضاع ثدي الهوى من بعد الفطام فالرضاع إنما يصلح للأطفال لا للرجال و لكن لا بد من الصبر على مرارة الفطام فإن صبرتم تعوضتم عن لذة الهوى بحلاوة الإيمان في القلوب من ترك شيئا لله لم يجد فقده عوضه الله خيرا منه : { إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم و يغفر لكم } و في الحديث : [ النظر سهم مسموم من سهام إبليس من تركه من خوف الله أعطاه إيمانا يجد حلاوته في قلبه ] خرجه الإمام أحمد و هذا الخطاب للشباب فأما الشيخ إذا عاود المعاصي بعد انقضاء رمضان فهو أقبح و أقبح لأن الشباب يؤمل معاودة التوبة في آخر عمره و هو مخاطر فإن الموت قد يعاجله و قد يطرقه بغتة و أما الشيخ فقد شارف مركبه على ساحل بحر المنون فماذا يؤمل .
( نعى لك ظل الشباب المشيب ... و نادتك باسم سواك الخطوب ) .
( فكن مستعدا لداعي الفناء ... فكل الذي هو آت قريب ) .
( ألسنا نرى شهوات النفو ... س تفنى و تبقى علينا الذنوب ) .
( يخاف على نفسه من يتوب ... فكيف يكون الذي لا يتوب )