عن المعتصم أن ملك الروم كتب إليه كتابا يتهدده فيه فقال للكاتب اكتب قد قرأت كتابك وفهمت خطابك والجواب ما ترى لا ماتسمع وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار قال الخطيب غزا المعتصم بلاد الروم في سنة ثلاث وعشرين ومائتين فأنكى نكاية عظيمة في العدو وفتح عمورية وقتل من أهلها ثلاثين ألفا وسبي مثلهم وكان في سبيه ستون بطريقا وطرح النار في عمورية في سائر نواحيها فأحرقها وجاء بنائبها إلى العراق وجاء ببابها أيضا معه وهو منصوب حتى الآن على أحد أبواب دار الخلافة مما يلي المسجد الجامع في القصر وروى عن أحمد بن أبي داؤد القاضي أنه قال ربما أخرج المعتصم ساعده إلى وقال لي عض يا أبا عبد الله بكل ما تقدر عليه فأقول إنه لا تطيب نفسي يا أمير المؤمنين ان أعض ساعدك فيقول إنه لا يضرني فأكدم بكل ما أقدر عليه فلا يؤثر ذلك في يده ومر يوما في خرافة أخيه بمخيم الجند فاذا امرأة تقول ابنى ابنى فقال لها ما شأنك فقالت ابنى أخذه صاحب هذه الخيمة فجاء إليه المعتصم فقال له أطلق هذا الصبي فامته عليه فقبض على جسده بيده فسمع صوت عظامه من تحت يده ثم أرسله فسقط ميتا وأمر بإخراج الصبي إلى أمه ولم ولى الخلافة كان شهماوله همة عالية في الحرب ومهابة عظيمة في القلوب وإنما كانت نهمته في الانفاق في الحرب لا في البناء ولا في غيره .
وقال أحمد أبي داؤد تصدق المعتصم على يدي ووهب ما قيمته مائة ألف ألف درهم وقال غيره كان المعتصم إذا غضب لايبالي من قتل ولا ما فعل وقال إسحاق بن إبراهيم الموصلي دخلت يوما على المعتصم وعنده قينة له تغنيه فقال لي كيف تراها فقلت له اراها تقهره بحذق وتجتله برفق ولا تخرج من شيء إلا إلى أحسن منه وفي صوتها قطع شذور احسن من نظم الدر على النحور فقال والله لصفتك لها أحسن منها ومن غنائها ثم قال لابنه هارون الواثق ولي عهده منبعده اسمع هذا الكلام وقد استخدم المعتصم من الأتراك خلقا عظيما كان له من المماليك الترك قريب من عشرين ألفا وملك من آلات الحرب والدواب ما لم يتفق لغيره ولما حضرته الوفاة جعل يقول حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فاذا هم مبلسون وقال لو علمت ان عمري قصير مافعلت وقال إني أحدث هذا الخلق وجعل يقول ذهبت الحيل فلاحيلة وروى عنه انه قال في مرض موته اللهم إني أخافك من قبلي ولا أخافك من قبلك وأرجوك من قبلك ولا أرجوك من قبلي .
كانت وفاته بسر من رأى في يوم الخميس ضحى لسبعة عشرة ليلة خلت من ربيع الأول من هذه السنة أعنى سنة سبع وعشرين ومائتين وكان مولده يوم الاثنين لعشر خلون من شعبان سنة ثمانين ومائة وولى الخلافة في رجب سنة ثمان عشرة ومائتين وكان أبيض أصهب اللحية