مجيئه في جيشه قاصدا إلى الديار المصرية فانزعج الناس لذلك وأخليت دار السعادة من الحواصل والحريم إلى القلعة وتحصن كثير من الامراء بدورهم داخل البلد وأغلق باب النصر فاستوحش الناس من ذلك بعض الشيء ثم غلقت أبواب البلد كلها إلا بأبي الفراديس والفرج وباب الجابية أيضا لأجل دخول الحجاج ودخل المحمل صبيحة يوم الجمعة الثالث والعشرين من المحرم ولم يشعر به كثير من الناس لشغلهم بما هم فيه من أمر طاز وأمر العشير بحوران وجاء الخبر بمسك الامير سيف الدين طيدمر الحاجب الكبير بأرض حوران وسجنه بقلعة صرخد وجاء سيفه صحبة الامير جمال الدين الحاجب فذهب به إلى الوطاق عند الثنية وقد وصل طاز بجنوده إلى باب القطيفة وتلاقى شاليشه بشاليش نائب الشام ولم يكن منهم قتال ولله الحمد ثم تراسل هو والنائب في الصلح على أن يسلم طاز نفسه ويركب في عشرة سروج إلى السلطان وينسلخ مما هو فيه ويكاتب فيه النائب وتلطفوا بأمره عند السلطان وبكل ما يقدر عليه فأجاب إلى ذلك وأرسل يطلب من يشهده على وصيته فأرسل إليه نائب السلطنة القاضي شهاب الدين قاضي العسكر فذهب إليه فأوصى لولده ! وأم ولده ولوالده نفسه وجعل الناظر على وصيته الأمير علاء الدين أمير على المارداني نائب السلطنة وللأمير صرغتمش ورجع النائب من الثنية عشية يوم السبت بين العشاءين الرابع والعشرين منه وتضاعفت الادعية له وفرح الناس بذلك فرحا شديدا ودعوا إلى الامير طاز بسب إجابته إلى السمع والطاعة وعدم مقاتلته مع كثرة من كان معه من الجيوش وقوة من كان يحرضه على ذلك من اخويه وذويه وقد اجتمعت بنائب السلطنة الامير علاء الدين أمير علي المارداني فأخبرني بملخص ما وقع منذ خرج إلى أن رجع ومضمون كلامه أن الله لطف بالمسلمين لطفا عظيما غذ لم يقع بينهم قتال فإنه قال لما وصل طاز إلى القطيفة وقد نزلنا نحن بالقرب من خان لاجين أرسلت إليه مملوكا من مماليكي أقول له إن المرسوم الشريف قد ورد بذهابك إلى الديار المصرية في عشرة سروج فقط فإذا جئت هكذا فأهلا وسهلا وإن لم تفعل فأنت أصل الفتنة وركبت ليلة الجمعة طول الليل في الجيش وهو ملبس فرجع مملوكي ومعه مملوكه سريعا يقول إنه يسأل أن يدخل بطلبه كما خرج يطلبه من مصر فقلت لا سبيل إلى ذلك إلا في عشرة سروج كما رسم السلطان فرجع وجاءني الأمير الذي جاء من مصر بطلبه فقال إنه يطلب منك أن يدخل في مماليكه فإذا جاوز دمشق إلى الكسوة نزل جيشه هناك وركب هو في عشرة سروج كما رسم فقلت لا سبيل إلى أن يدخل دمشق ويتجاوز بطلبه أصلا وإن كان عنده خيل ورجال وعدة فعندي أضعاف ذلك فقال لي الأمير يا خوند لا يكون تنسى قيمته فقلت لا يقع إلا ما تسمع فرجع فما هو إلا أن ساق مقدار رمية سهم وجاء بعض الجواسيس الذين لنا عندهم فقال ياخوندها قد وصل جيش حماة وطرابلس ومن معهم من جيش دمشق