بالجامع الذي جدد بناءه نائب الشام سيف الدين متكلي بغا بدرب البلاغة قبلي مسجد درب الحجر داخل باب كيسان المجدد فتحه في هذا الحين كما تقدم وهو معروف عند العامة بمسجد الشاذوري وإنما هو في تاريخ ابن عساكر مسجد الشهرزوري وكان المسجد رث الهيئة قد تقادم عهده مدة دهر وهجر فلا يدخله أحد من الناس إلا قليل فوسعه من قبليه وسقفه جديدا وجعل له صرحة شمالية مبلطة ورواقات على هيئة الجوامع والداخل بأبوابه على العادة وداخل ذلك رواق كبير له جناحان شرقي وغربي بأعمدة وقناطر وقد كان قديما كنيسة فأخذت منهم قبل الخمسمائة وعملت مسجدا فلم يزل كذلك إلى هذا الحين فلما كمل كما ذكرنا وسيق اليه الماء من القنوات ووضع فيه منبر مستعمل كذلك فيومئذ ركب نائب السلطنة ودخل البلد من باب كيسان وانعطف على حارة اليهود حتى انتهى إلى الجامع المذكور وقد استكف الناس عنده من قضاة واعيان وخاصة وعامة وقد عين لخطابته الشيخ صدر الدين بن منصور الحنفي مدرس الناجية وإمام الحنفية بالجامع الأموي فلما أذن الأذان الاول تعذر عليه الخروج من بيت الخطابة قيل لمرض عرض له وقيل لغير ذلك من حصر أو نحوه فخطب الناس يومئذ قاضي القضاة جمال الدين الحنفي الكفري خدمة لنائب السلطنة .
واستهل شهر ذي الحجة وقد رفع الله الوباء عن دمشق وله الحمد والمنة وأهل البلد يموتون على العادة ولا يمرض احد بتلك العلة ولكن المرض المعتاد انتهى .
ثم دخلت سنة ست وستين وسبعمائة .
استهلت هذه السنة والسلطان الملك الاشرف ناصر الدين شعبان والدولة بمصر والشام هم هم ودخل المحمل السلطاني صبيحة يوم الاثنين الرابع والعشرين منه وذكروا انهم نالهم في الرجعة شدة شديدة من الغلاء وموت الجمال وهرب الجمالين وقدم مع الركب ممن خرج من الديار المصرية قاضي القضاة بدر الدين بن أبي الفتح وقد سبقه التقليد بقضاء القضاة مع خالد تاج الدين يحكم فيما يحكم فيه مستقلا معه ومنفردا بعده .
وفي شهر الله المحرم رسم نائب السلطنة بتخريب قريتين من وادي التيم وهم مشعرا وتلبناثا وسبب ذلك أنهما عاصيان وأهلهما مفسدان في الارض والبلدان والأرض حصينان لا يصل إليهما إلا بكلفة كثيرة لا يرتقي إليهما إلا فارس فارس فخربتا وعمر بدلهما في أسفل الوادي بحث يصل اليهما حكم الحاكم والطلب بسهولة فأخبرني الملك صلاح الدين ابن الكالم أن بلدة تلبتاثا عمل فيها ألف فارس ونقل نقضها إلى أسفل الوادي خمسمائة حمار عدة أيام .
وفي يوم الجمعة سادس صفر بعد الصلاة صلى على قاضي القضاة جمال الدين يوسف بن قاضي