استيلاء الفرنج لعنهم الله على الاسكندرية .
وفي العشر الاخير من شهر الله المحرم احتيط على الفرنج بمدينة دمشق واودعوا في الحبوس في القلعة المنصورة واشتهر أن سبب ذلك أن مدينة الاسكندرية محاصرة بعدة شواين وذكر أن صاحب قبرص معهم وأن الجيش المصري صمدوا إلى حراسة مدينة الاسكندرية حرسها الله تعالى وصانها وحماها وسيأتي تفصيل أمرها في الشهر الاتي فإنه وضح لنا فيه ومكث القوم بعد الاسكندرية بأيام فيما بلغنا بعد ذلك حاصرها أمير من التتار يقال له مامية واستعان بطائفة من الفرنج ففتحوها قسرا وقتلوا من اهلها خلقا وغنموا شيئا كثيرا واستقرت عليها يدمامية ملكا عليها .
وفي يوم الجمعة سلخ هذا الشهر توفي الشيخ برهان الدين إبراهيم بن الشيخ شمس الدين بن قيم الجوزية ببستانه بالمزة ونقل إلى عند والده بمقابر باب الصغير فصلى عليه بعد صلاة العصر بجامع جراح وحضر جنازته القضاة والاعيان وخلق من التجار والعامة وكانت جنازته حافلة وقد بلغ من العمر ثمانيا وأربعين سنة وكان بارعا فاضلا في النحو والفقه وفنون أخر على طريقة والده رحمهما الله تعالى وكان مدرسا بالصدرية والتدمرية وله تصدير بالجامع وخطابة بجامع ابن صلحان وترك مالا جزيلا يقارب المائة ألف درهم انتهى .
ثم دخل شهر صفر وأوله الجمعة أخبرني بعض علماء السير أنه اجتمع في هذا اليوم يوم الجمعة مستهل هذا الشهر الكواكب السبعة سوى المريخ في برجا العقرب ولم يتفق مثل هذا من سنين متطاولة فأما المريخ فإنه كان قد سبق إلى برج القوس فيه ووردت الاخبار بما وقع من الأمر الفظيع بمدينة الاسكندرية من الفرنج لعنهم الله وذلك أنهم وصلو اليها في يوم الاربعاء الثاني والعشرين من شهر الله المحرم فلم يجدوا بها نائبا ولا جيشا ولا حافظا للبحر ولا ناصرا فدخلوها يوم الجمعة بكرة النهار بعد ما حرقوا أبوابا كبيرة منها وعاثوا في أهلها فسادا يقتلون الرجال ويأخذون الأموال ويأسرون النساء والاطفال فالحكم لله العلي الكبير المتعال واقاموا بها يوم الجمعة والسبت والاحد والاثنين والثلاثاء فلما كان صبيحة يوم الاربعاء قدم الشاليش المصري فأقلعت الفرنج لعنهم الله عنها وقد أسروا خلقا كثيرا يقاومون الاربعة آلاف واخذوا من الاموال ذهبا وحريرا وبهارا وغير ذلك مالا يحد ولا يوصف وقدم السلطان والأمير الكبير يلبغا ظهر يومئذ وقد تفارط الحال وتحولت الغنائم كلها إلى الشوائن بالبحر فسمع للأسارى من للعويل والبكاء والشكوى والجأر إلى الله والاستغاثة به وبالمسلمين ما قطع الاكباد وذرفت له العيون واصم الاسماع فإنا لله وإنا اليه راجعون ولما بغلت الاخبار إلى أهل دمشق شق عليهم ذلك جدا وذكر ذلك الخطيب يوم الجمعة على المنبر فتباكى الناس كثيرا فإنا لله وإنا اليه راجعون وجاء المرسوم الشريف من الديار المصرية إلى