بِتْ جارَه فالعيش تحت ظلاله ! .
... واستسْقهِ فالبحر من أنوائهِ .
يَلقْى الخطوبَ بمثلها من صبره ... والباتراتِ بمثلها من رائهِ .
فالطودُ حاسدُ حلمِهِ وأناتِه ... والسيف حاسدُ بأسه ومضائه .
ومن شعره من البسيط : .
هذي القوافي لها صروف ... وجودُك الناقد البصيرُ .
معروفك الشمس ليس تخفى ... وإنّما حظّيَ الضريرُ .
ومنه من الرمل : .
لستُ بالداعي لخِلٍّ أبداً ... أن يزيدَ الله في مقدرتِهْ .
حذراً أن يطمح الدهرّ به ... فأذُمَّ الدهرَ في معرفتِهْ .
الصالح أبو الخيش .
إسماعيل بن محمد بن أيوب الملك الصالح عماد الدين أبو الخيش ابن الملك العادل هو صاحب بعلبك وبصري وملك دمشق بعد موت أخيه الأشرف وخلع على الأمراء وبقي أياماً فلم يلبث أن نازل الكامل أخوه دمشق فأخذها منه فعاد هو إلى بعلبك ثم هجم هو والمجاهد صاحب حمص على دمشق وملكها سنة سبع وثلاثين وبدت منه هنات واستعان بالفرنج على حرب أخيه وأعطاهم حصن الشقيف ثم أخذت منه دمشق سنة ثلاث وأربعين وعاد إلى بعلبك فلم يقر له قرار والتفت عليه الخوارزمية وتمت له خطوب فالتجأ إلى حلب وراحت منه بصرى وبعلبك وبقي في خدمة ابن أخيه الناصر فلما سار الناصر لأخذ مصر مع الصالح أسر الصالح في من أسر وحبس بالقاهرة ومروا به أسيراً على تربة ابن أخيه الصالح نجم الدين فصاحت البحرية وهم غلمان نجم الدين : يا خوند أين عينك تبصر عدوك ؟ ثم أخرجوه من القلعة ليلاً ومضوا به إلى الجبل فقتلوه هناك وعفي أثره وكذلك فعل هو بالجواد . وكان أبوه العادل كثير المحبة لأمه وهي من أحظى حظاياه ولها مدرسة وتربة بدمشق . وفي سنة ثمان وثلاثين عزل الصالح عز الدين ابن عبد السلام عن خطابة دمشق وحبسه وحبس أبا عمرو ابن الحاجب لأنهما أنكرا عليه فعله وإعطاءه الشقيف لصاحب صيدا ثم أطلقهما بعد مدة وألزمهما بيوتهما وولى العماد ابن خطيب بيت الآبار . وكانت قتلته بالقاهرة سنة ثمان وأربعين وستمائة . وفيه يقول أحمد بن المعلم من السريع : .
ضيَّع إسماعيل أموالنا ... وخرّب المَعْنى بلا مَعْنى .
وراح من جِلِّق هذا جزا ... منَ أفقر الناس وما استغنى .
عماد الدين ابن القيسراني .
إسماعيل بن محمد بن عبد الله القاضي عماد الدين أبو الفداء ابن القاضي شرف الدين ابن الصاحب فتح الدين ابن القيسراني قد مضى ذكر أبيه وجده كان حسن المحاضرة يميل إلى الصلحاء ويقضي حوائجهم ويتلطف لهم وينتمي إليهم ويروي من كراماتهم شيئاً كثيراً لو أراد أن يتحدث في ذلك ثلاثة أيام بلياليها لفعل وكان خيراً ديناً مقصداً عصبياً لمن يقصده في حاجة أو ينزلها به كان موقع الدست أولاً بباب السلطان ثم تولى كتابة السر بحلب فتوجه إليها وعملها على القالب الجائر فضاق عطن النائب ألطنبغا منه وعمل عليه وأوهم أعداؤه علاء الدين ابن الأثير منه فاتفق معهم على عزله فنقل هو أولاده إلى دمشق هو موقع الدست وولداه في ديوان الإنشاء . وكان الأمير سيف الدين تنكز C تعالى في آخر الأمر يعظمه كثيراً ويقول في المجلس : ما هنا مصري إلا أنا وأنت . روى عن الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد وغيره وحدث بدمشق . وكان بمصر قد تزوج ببنت الصاحب تاج الدين ابن حنا فاتفق أن وقع بينهما فجاءت إليه دايتها وقالت له : يا قاضي ما تعرف من قدامك ؟ ذي إلا بنت المقوقس ؟ فقال لها : وأنا الآخر ابن خالد بن الوليد ! .
وكان محظوظاً من النساء وعليه أنس وله حركة في السماع هذا لما كان بمصر . ثم توفي سنة ست وثلاثين وسبعمائة ودفن بمقابر الصوفية بدمشق C تعالى . ولما توفي بدمشق كنت بمصر فكتبت إلى ولده القاضي شهاب الدين أعزيه بكتاب منه من الخفيف : .
أيًّ خطبٍ به تلظّى فؤادي ... وأسال الدموعَ مثلَ الغوادي .
وأعاد الحمام يندب شجواُ ... فوق فرع الأراكة الميّادِ .
وكسا الأنجمَ الزواهر طُرّاً ... في ظلام الدجي ثياب الحِدادِ .
منها : .
فيه نظمي يخوض في كلّ بحر ... وفؤادي يهيم في كلّ وادِ